أَيسومني المأمونُ خِطَّةَ عارفٍ (١) … أَوَما رأى بالأمس رأسَ محمَّدِ
إنَّ التِّراتِ مسهَّدٌ طُلَّابها … فاكفُفْ لُعابَك عن (٢) لُعاب الأسود
إنِّي من القوم الذين سيوفُهمْ … قتلتْ أخاك وشرَّفتْك بمَقْعد
شادوا بذِكرك بعد طول خُمودِه … واستنقذوك من الحضيض الأَوْهَد
فقال المأمون: قاتله الله، ومتى كنت خاملًا وقد نشأتُ في حجر الخلفاء! ولكن هو يهجو أبا عبَّادٍ لا يهجوني، وكان في [أبي] (٣) عَبَّاد حِدَّة.
قال يحيى بنُ أكثم: قال المأمون: وددتُ لو أنَّ لي رجلًا مثلَ الأصمعيِّ يعرف أيامَ العرب وأشعارَها حتَّى ينادمَني كما نادم الأصمعيُّ أبي، فقلت: ها هنا عَتَّاب بنُ ورقاءَ الشَّيباني، فهو مِثلُ الأصمعي، فقال: عليَّ به، فلما حضر قلت له: إنَّ أميرَ المؤمنين -أطال اللهُ بقاءه- يرغب في مؤانستك ومحادثتِك، فقال: إني شيخٌ كبير عاجزٌ عن ذلك، وقد ذهب مني الأَطْيَبان (٤)، فقال المأمون: لا بدَّ من ذلك، فقال عَتَّاب: [من المجتث]
أبعد سِتِّين أَصبو … والشَّيبُ للمرء حربُ
شيبٌ وعيبٌ وخمر (٥) … هذا لَعَمرُك صعب
فابنَ الإمام فهلَّا … أيام عوديَ رَطْب
وإذ شِفاءُ الغَوَاني (٦) … مني حديثٌ وقُرب
وإذ مَشيبي قليلٌ … ومنهلُ العيش عذْب
[فالآن لمَّا رأى بي … عواذلي ما أحبُّوا] (٧)
آليتُ أَشربُ راحًا … ما حجَّ لله رَكب
(١) في (خ) و (ف): عارب. والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٦٦٠، وفي الديوان ص ١٢٢: عاجز.
(٢) في (خ) و (ف): في.
(٣) ما بين حاصرتين ساقط من (خ) و (ف).
(٤) هما: الأكل والنِّكَاح. أساس البلاغة (طيب).
(٥) في (خ): وأمر، وفي تاريخ دمشق ٣٩/ ٢٧٠: وإثم، والمثبت من (ف).
(٦) في (خ) و (ف): الأغاني.
(٧) ما بين حاصرتين من (ف).