وقال عَمرو (١) بن أبي عَمرٍو الشَّيبانِيّ: كان أبي يُكثر من إنشاد هذا البيت: [من الرمل]
لا تُهِنِّي بعد إكرامِك لي … فشديدٌ عادةٌ منتزَعهْ (٢)
فقلت له: يَا أَبَة، إنك تُكثر إنشادَ هذا البيت، فقال: يَا بُنيّ، واللهِ أنا أدعو به في صلاتي وقتَ السَّحَر.
[قال الخَطيب:](٣) تُوفِّي أبو عَمرٍو [في سنة عشرٍ ومئتين في] يوم السَّعانين -بسين مهمَلة- وهو عيدٌ من أعياد النَّصارى، وقد أناف على تسعين سنة. وأَسند عن أئمَّة اللغة، وروى الحديثَ عن رُكنٍ الشَّاميّ [وركنٌ روى عن مكحول]. وروى عن أبي عمرٍو الإمامُ (٤) أَحْمد رحمةُ الله عليه وغيرُه.
[قال الخَطيب:] وكان الإِمام أحمدُ يثني عليه ويلازم مجلسَه ويسأله ويكتب أماليَه. [قال (٥): وقال أَحْمد: سألت أَبا عمرٍو الشيبانيَّ عن معنى قولِه ﵇: "أَخنعُ الأسامي عند اللهِ يومَ القيامةِ رجلٌ تسمَّى بمَلِك الأَملاك"(٦) فقال: معنى "أخنع" أَوضع. وقد أشار إليه الجوهريُّ (٧) فقال: الخنوع كالخضوع والذُّلّ، والخانع: المُريبُ الفاجر].
وقال الخرائطي (٨): لقي عالمٌ من العلماء راهبًا من الرُّهبان، فقال له: كيف ترى الدَّهر؟ فقال: يُخلق الأبدانَ ويجدِّد الآمال، ويُبعد الأمنية ويقرِّب المَنيَّة. قال: فأيُّ الأصحاب أَبَرّ؟ قال: العملُ الصالح، قال: فأيُّ شيءٍ أضرُّ على المرء (٩)؟ قال: اتِّباع النفسِ والهوى.
(١) في (خ): عمر، والمثبت من المنتظم ١٠/ ٢١٩. وانظر ترجمته في طبقات النحويين واللغويين للزبيدي ص ٢٠٤، ومعجم الأدباء ١٦/ ٧٣، وإنباه الرواة ٢/ ٣٦٠. (٢) اختلف في نسبة هذا البيت، انظر الشعر والشعراء ٢/ ٧٢٩، وحماسة البحتري ٢/ ٢٧١، والأغاني ٨/ ٣٩٢، والحماسة البصرية ٢/ ١٠، والخزانة ٦/ ٤٧١. (٣) في تاريخه ٧/ ٣٤٤. وما بين حاصرتين من (ب). (٤) في (خ): والإمام. ولعله سهو. (٥) في تاريخه ٧/ ٣٤٢. وما بين حاصرتين من (ب). (٦) أخرجه البُخَارِيّ (٦٢٠٥، ٦٢٠٦)، ومسلم (٢١٤٣) من حديث أبي هريرة ﵁-عنه. (٧) في الصحاح (خنغ). (٨) في اعتلال القلوب ص ٦٨ بإسناده عن أبي عمرو الشَّيبانِيّ. (٩) في (خ): البر، والمثبت من (ب).