"المجاز" في القرآن، وأنَّه قال:(١)] يفسِّر كتابَ الله برأيه. فركب أبو عبيدةَ حمارَه وجاء إلى مجلس الأصمعيّ، وجلس عنده وحادثه، ثم قال له: يا أبا سعيد، ما تقول في الخبز أيُّ شيءٍ هو؟ فقال: هو الَّذي نأكله ونَخبِزه. فقال له أبو عبيدة: فقد فسَّرتَ كتابَ الله برأيك [فإنَّ الله تعالى قال: ﴿أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا﴾](٢)[يوسف: ٣٦]. فقال الأصمعيّ: هذا شيءٌ بأن لي [فقلته] لم أفسِّره برأي، فقال أبو عبيدة: والذي تَعيب عليَّ شيءٌ بأن لي فقلتُه، ولم أفسِّره برأي. ثم قام وخرج.
[وحكى الخطيبُ (٣) أيضًا عن المازنيّ، عن أبي عبيدةَ قال: دخلتُ على الرشيد فقال لي: يا مَعمر، بلغني أنَّ عندك كتابًا حسنًا في صفة الخيل، أحبُّ أن أسمعه منك، وكان الأصمعيُّ حاضرًا، فقال: وما تصنع بالكتب؟ يُحْضَرُ فرسٌ ونضع أيديَنا على عضوٍ عضو ونسمِّيه ونذكر ما فيه (٤)، فقال الرشيد: يا غلام، فرس، فحضر، فقام الأصمعيُّ فوضع يدَه على عضوٍ عضو منه، وجعل يقول كذا وكذا، وقال الشاعرُ كذا وكذا، حتَّى بلغ إلى حافره.
قال أبو عبيدة: فقال لي الرشيد: ما تقول فيما قال: فقلت: أصاب في البعض (٥) وأخطأ في البعض، والذي أصابه منِّي تعلَّمه، والذي أخطأ فيه لا أدري من أين أتى به].
وبلغ (٦) أبا عبيدةَ أنَّ الأصمعيَّ قال إنَّ أباه كان يساير سَلْمَ (٧) بن قتيبةَ على فرسٍ له، فقال [أبو عبيدة:](٨) سبحانَ الله، واللهِ ما مَلَكَ أبو الأصمعيِّ دابَّةً قطُّ إلَّا في ثوبه. يريد القَمْل.
(١) في (خ): يعيب على أبي عبيدة ذلك ويقول. (٢) ما بين حاصرتين من (ب). (٣) في تاريخه ١٥/ ٣٤٣. وما بين حاصرتين من (ب). (٤) في (ب): قيل، والمثبت من تاريخ بغداد. (٥) في تاريخ بغداد: بعض. (٦) في (ب): وقال الخطيب: بلغ، ولم نقف على كلام الخطيب في تاريخه، فالزيادة غير واردة هنا. (٧) في (ب): سالم، وفي (خ): سلام، والمثبت من الفهرست ص ٦١، ومحاضرات الأدباء ١/ ٦٦٠، والتذكرة الحمدونية ٣/ ٤٥٠. (٨) ما بين حاصرتين من (ب).