ومن شِعر طاهرٍ لمَّا تغيَّر على المأمون: [من الطويل]
غضبتُ على الدنيا فجفَّت ضُروعُها … وما الناسُ إلَّا بين راجٍ وخائفِ
قتلتُ (١) أميرَ المؤمنين وما أرى … بقائي كذا إلَّا لقتل الخلائف
وقد بقيتْ في أُمِّ رأسي بقيَّةٌ … فإذَا لحزمٍ أو لأمرٍ مخالف
ومُنِّيتُ في دهر كثيرٍ صروفُه … كأنيَ فيه من ملوك الطَّوائف
وبلغ المأمونَ، فقامت قيامتُه، وقال: مَن يجيبه؟ فقال محمدُ بن يزيدَ (٢) بنِ مَسلمة: أنا، فأجابه:
عتبتَ على الدنيا فلا كنتَ راضيًا … ولا أعتَبَتْ إلَّا بإحدى المتالفِ
فمن أنتَ أَو ما أنت يا فَقْعَ قَرقَرٍ (٣) … إذا أنتَ منَّا لم تُعلَّقْ بكانف
ستعلم ما تجني عليك وما جَنَتْ … يداك فلا (٤) تفخرْ بقتل الخلائف
وقد بقيت في أُمِّ رأسِكَ فتكةٌ … سنخرجها منه بأَسمرَ راعف
وبعث بها إليه، فمات قبلَ وصولها.
ورثاه جماعة [قال الخطيب: أخبرني عُبيد اللهِ بن أبي الفتحِ بإسناده إلى أبي القاسمِ السَّكوني قال: أنشد جعفرُ بن الحسن (٥) لبعض المحدَثين يرثي طاهرًا] (٦): [من الخفيف]
فلئن كان للمنيَّة رهنًا … إنَّ أفعاله لَرهنُ الحياةِ
ولقد أوجب الزكاةَ على قومٍ … وقد كان عيشُهم بالزَّكاة
وكان له من الولد طلحةُ وعبدُ الله [وسنذكرهما في تراجمهما].
(١) في (خ) والوافي ١٦/ ٣٩٩: فقلت، والمثبت من العقد الفريد ٢/ ١٩٧، وجمهرة الأمثال ١/ ٧٥.
(٢) في (خ): شريك، والمثبت من العقد الفريد.
(٣) في (خ): قنع قرقرا، والمثبت من العقد الفريد. والفقع: البيضاء الرخوة من الكمأة، ويقال للذليل: أذل من فقع بقرقرة، وهي الأرض المطمئنة اللينة. القاموس المحيط (فقع)، (قرر).
(٤) في (خ): وما. والمثبت من العقد الفريد.
(٥) في (ب): محمد، والمثبت من تاريخ بغداد ١٠/ ٤٨٦.
(٦) في (خ): فقال بعض المحدثين.