[وروى أبو نُعيم (١) أنَّ رجلًا سأله فقال:] (٢) ما أقربُ ما يتقرَّب به العبدُ إلى الله تعالى؟ فبكى وقال: مِثلي يُسأل عن هذا! أقربُ ما يَتقرَّبُ به العبدُ إلى الله تعالى أن يطَّلعَ على قلبه فيرى أنَّه لا يريد من الدنيا والآخرةِ سواه.
و [حكى عنه أيضًا أنَّه](٣) قال: إذا اعتادت النفوسُ تركَ الآثام، رتعت في عالم المَلَكوت ورجعتْ بطرائف الحكمة.
و [روى ابنُ أبي الدنيا أنَّه] قال: إذا كانت الدُّنيا في قلبٍ لم تزحمها الآخرة، وإذا كانت الآخرةُ في قلب زَحَمَتْها الدنيا؛ لأنَّ الدنيا لئيمة، والآخرةَ كريمة.
وسئل عن الرِّضا فقال: أمَّا نحن، فقد انتهى قدمُنا إلى مكانٍ لو أمر بنا إلى النار لَمشينا إليها على رؤوسنا، فإذا قال [لنا]: لِمَ فعلتم هذا؟ [قلنا]: لأنَّه منتهى إرادتِك فينا. و [في رواية] قال: لو أسكنني النارَ لكنتُ أرضى ممَّن هو في الفِردوس الأعلى.
و [حكى عنه ابنُ باكويه الشيرازيُّ أنه] قال: يوحي اللهُ إلى جبريل: اسلُبْ عبدي حلاوةَ مناجاتي، فإن تضَّرَع إليَّ فردَّها إليه، وإلَّا فلا.
[قال:] وقال: الصادقُ مَن تعظك رؤيتُه قبل كلامه. [قال:] وقال: ما يسرُّني أن تكونَ لي الدنيا حلالًا وأنا أُسأل عنها يومَ القيامة.
[وحكى أيضًا ابن باكُويه عن] أحمدَ بنِ أبي الحواريِّ قال (٥): دخلتُ على أبي سليمانَ وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ فقال: كيف لا أبكي وإذا جنَّ الليلُ ونامت العيون، وخلا كلُّ حبيب بحبيبه، وافترش أهلُ المحبَّة جباهَهم، و [نصبوا] أقدامَهم،
(١) في الحلية ٩/ ٢٥٦. (٢) في (خ): وسأله رجل فقال. (٣) ما بين حاصرتين من (ب). (٤) أخرجه عنه أبو نعيم في الحلية ٩/ ٢٥٥، والبيهقي في شعب الإيمان (١٠٤٠). (٥) في (خ): وقال أحمد بن أبي الحواري.