قد ذكرنا أنَّه قدم بغدادَ وخرج عنها إلى مصرَ واليمن، ثم قدم بغدادَ ثم خرج.
وقال الحافظ ابنُ عساكر: سببُ خروجه إلى مصرَ ما رواه الحافظُ عبد الرحمن بنُ أبي حاتمٍ عن الشافعيِّ قال: كنت مع محمد بنِ الحسن بالرقَّة، فمرضتُ، فعادني [العوّاد] فلمَّا انتبهت (١) أخذتُ كتابًا لمالك بنِ أنس، فنظرتُ في صلاة الكسوف، ثم خرجتُ إلى المسجد وإذا بمحمد بنِ الحسن جالس، فجلست إليه، وكان محمدٌ حديدًا قَلِقًا فقلت: جئتك لأُناظرَك في صلاة الكسوف، فقال له: قد عرفتَ قولَنا فيه، فقلت له: على ألا تقلقَ ولا تحتدَّ، واجتمع الناسُ علينا، فقلت: هذا هشامُ بن عروةَ عن أبيه عن عائشة، وزيدُ بن أسلمَ عن عطاء بنِ يسارٍ عن ابن عباس، فقال: هل زدتَني على أن جئتني بصبيٍّ وامرأة، فقلت: لو غيرُكْ قال هذا، فقصت مغضَبًا وقلت لغلامي: اشدُدْ رواحلَك، وأجعل الليلَ لنا جَمَلًا. قال: وخرجتُ إلى مصر.
قلت: كذا حكى ابنُ عساكر، ولم يبيِّن معنى الكلام، وأما حكايتُه عن محمد: جئتَني بصبيٍّ وامرأة، فمن تحريف الرُّواة، لأنَّ محمدًا ﵀ كان يعظِّم الصحابة، خصوصًا عائشةَ ﵂.
وقال ابنُ عساكر: وهذه الروايةُ تدل على أن الشافعيَّ دخل مصرَ مرَّتين: مرةً من الشام، ومرةً من اليمن ومكَّة] (٢).
ذِكر مصنَّفاته:
ومصنَّفاته كثيرة، منها: الأُمّ، وكتابُه في الفروع، رواه عنه الزَّعفراني في نيِّف وعشرين جزءًا. وقال [أبو محمد الحسنُ بن إبراهيم] ابنِ زُولاق المصريُّ: صنَّف [الشافعيُّ](٣) بمصرَ نحوًا من مئتي جزء، ومنها الأمالي الكبيرُ ثلاثون جزءًا، والأمالي الصغيرُ أثنا عشرَ جزءًا، وكتاب السُّنن ثلاثون جزءًا، وغيرُ ذلك.
ذكر مرضه ووفاتِه ﵁:
[حكى أبو نُعيم عن] الرَّبيع بنِ سليمان قال (٤): كان بالشافعي عِلَّةُ البواسير، ولا
(١) في تاريخ دمشق ٦٠/ ٣٨٧: نقهت. (٢) لم يذكر ابن عساكر اليمن. وهذه الفقرة كلها ليست في (خ). (٣) ما بين حاصرتين من (ب). (٤) في (خ): قال الربيع بن سليمان.