الجِدُّ يدني كلَّ شيءٍ شاسعٍ … والحظُّ (١) يفتح كلَّ باب مُغْلَق
وأحقُّ خَلقِ الله بالهمِّ امرؤٌ … ذو هِمَّة ببلاءِ عيشٍ ضيِّق
وإذا سمعتَ بأنَّ مجدودًا أتى … عودًا فأَورقَ في يديه فصدِّق
وإذا سمعتَ بأنَّ محرومًا أتى … ماءً ليشربَه فغاض فحقِّق
ومن الدليل على القضاءِ وكونه … بؤسُ اللبيبِ وطيبُ عيشِ الأحمق
وممَّا يُعزَى إلى الشافعيّ:
يقولون لي فيك انقباضٌ وإنَّما … رأوا رجلًا عن موقف الذُّلِّ أحجما
وليست له، وإنَّما هي للقاضي الجُرجاني (٢) [وسنذكرها في سنة اثنتين وتسعين وثلاثِ مئة.
وروى الخطيبُ عن] أبي سعيدٍ المكِّيِّ (٣) قال (٤): سمعتُ الشافعيَّ يُنشد: [من الطويل]
رأيتُ مُنى نفسي تتوق إلى مِصر … ومِن دونها عَرْضُ المهامهِ والقَفرِ
ووالله ما أدري أَلِلعزِّ والغنى … أُقاد إليها أم أُقاد إلى قبري
وقال يونُس بنُ عبد الأعلى: كان الشافعيُّ يتمثَّل دائمًا بقول ابنِ حازم: [من الوافر]
إذا أصبحتُ عندي قوتُ يومٍ … فخلِّ الهمَّ عنِّي يا سعيدُ
ولم تخطُرْ همومُ غدٍ ببالي … لأنَّ غدًا له رزقٌ جديد
أُسلِّم أَنْ أراد اللهُ أمرًا … وأترك ما أُريد لما يريد (٥)
وكان يقول: قد أَنِستُ بالفقر حتى ما أستوحشُ منه، وأَنشد: [من البسيط]
(١) في المصادر: والجد، انظر العمدة في محاسن الشعر ص ٤٠، وتاريخ دمشق ٦٠/ ٥٤٠، وصفة الصفوة، والوفيات ٤/ ١٦٦، والوافي ٢/ ١٧٨، وطبقات الشافعية الكبرى ١/ ٣٠٤، وتوالي التأسيس ص ١٤٢.
(٢) وهو: علي بن عبد العزيز بن الحسن، والبيت في التمثيل والمحاضرة ص ١٢٤، ومعجم الأدباء ١٤/ ١٧، ووفيات الأعيان ٣/ ٢٧٨، منسوب إليه.
(٣) رواه في تاريخ بغداد ٢/ ٤١٠ عن الربيع بن سليمان. وما بين حاصرتين من (ب).
(٤) في (خ): وقال أبو سعيد المكي.
(٥) الأبيات في تاريخ دمشق ٦٠/ ٥١٨ ضمن قصة رواها إبراهيم بن خالد الكلبي، وهي في محاضرات اليوسي ص ١٩٦ كما هنا، وأورد البيتين الأول والثاني ابنُ عبد ربّه في العقد الفريد ٣/ ٢٠٥ ونسبهما للبحتري.