ذكرنا أنَّ هارونَ أعطاه خمسين ألفًا ففرَّقها على أصحابه] (١).
وقال الحُميدي: قدم الشافعيُّ من اليمن إلى مكةَ ومعه عشرون ألفَ دينار، فضرب خيمةً ظاهرَ مكةَ وفرَّق الجميع.
[وحكى الحُميديُّ أيضًا عن] محمد ابنِ بنت الشافعيِّ قال (٢): باع جدِّي الشافعيُّ ضيعةً بعشرة آلافِ دينار، ففرَّقها في الأشراف والعلماء، بَسَطَ نِطْعًا (٣) وقسمها عليه، فبقيت منها بقيَّة، فجاء أعرابيٌّ فقال: يا ابنَ أخي، لي عندك يدٌ فكافئني عليها، قال: وما هي؟ قال: حضرت الموسمَ مع عمومتك وهم يشترون أُضحية، فضربتَ بيدك إلى شاةٍ وقلتَ لي: يا عمّ، اشترِ لي هذه الشاة، فقلتُ لصاحبها: أَحسِنْ إلى الفتى في الثمن، فأحسنَ إليك بقولي، فقال الشافعي: يدٌ جليلة، خذ النِّطعَ وما عليه.
[ذِكر نُبذةٍ من كلامه:
حكى الحُميديُّ عن محمد ابنِ بنت الشافعيِّ قال: قال جدِّي ﵀:] (٤) العلمُ علمان: علمُ الأبدان، وعلمُ الأديان، فعلم الأبدانِ الطِّبّ، وعلمُ الأديان الفقه. [قال:](٥) وكان يتطيَّر من الأعور والأحولِ والأعرج والأحدبِ والأشقر جدًّا.
[وقال الحُميدي: ومن أحسنِ ما نُقل عنه أنه] قال: كلَّما طالت اللحيةُ تكوسجَ (٦) العقل.
[وروى ابن ناصرٍ بإسناده إلى الربيع قال] قال [الشافعي]: إياكم وأصحابَ العاهات، فإنَّ معاملتهم عَسِرة. وأشدُّ الأعمال ثلاثة: الجودُ من قلَّة، والورعُ في
(١) ما بين حاصرتين من (ب). (٢) في (خ): وقال محمد ابن بنت الشافعي. (٣) النِّطع: بساط من الأديم. القاموس (نطع). (٤) في (خ): وقال الشافعي ﵀. (٥) ما بين حاصرتين من (ب). (٦) أي: قَصُرَ أو خَفَّ. المعجم الوسيط (كسج).