ما يَضُرُّ الذنوبَ لو أعتَقَتْني … رحمةً لي فقد عَلاني المَشيب (١)
وكان يتمثل دائمًا ويقول:[من الخفيف]
ليس مَن مات فاستراح بميْتٍ … إنَّما المَيْت ميِّت الأحياءِ
وهذا البيت لعَديِّ بن الرَّعلاءِ المازني، من أبيات، منها:
إنَّما المَيْت من يعيش ذليلًا … كاسفًا بالُه قليل الرَّجاءِ
فأُناسٌ يمصِّصون ثِمارًا … وأُناس حلوقُهم في الماء (٢)
ودخل عليه رجلٌ وهو يدور حول ساريةِ المسجد ويقول:[من مجزوء الرمل]
يا حبيبي يا حبيبي … من حبيبي أنت تدري (٣)
فقال له: علِّمني المحبَّة [فقال: هذا ما يجيءُ بالتعليم. وفي رواية](٤) فقال له: المحبَّة ليست من تعليم الخلق، وإنَّما هي من مواهب الحقِّ.
وقال له رجل: أَوصِني، فقال: توكَّل على الله حتى يكونَ هو معلِّمَك ومؤنسَك وموضعَ شكواك؛ فإنَّ الناس لا ينفعونك ولا يضرُّونك.
وقال معروف: وجدتُ في بعض الكتب: يقول اللهُ ﵎: يا ابن آدم، ما أجسَرك! تسألني فأمنعك، لعلمي بما يُصلحك، ثم تُلحُّ عليَّ في السؤال، فأجود عليك بكرمي، وأعطيك ما سألتني، فتستعين به على معصيتي، فأَهُمُّ بهتك سِترك [فتسألني] فأستر عليك، فكم سترٍ جميلٍ أصنعه معك، وكم من قبيحٍ تعمله معي! يوشك أن
(١) صفة الصفوة ٢/ ٣٢١، وطبقات الأولياء ص ٢٨٣. (٢) الأصمعيات ص ١٥٢، ومعجم المرزباني ص ٨٦، والخزانة ٩/ ٥٨٣، ٥٨٥. ولم يذكر الأصمعي البيت الأخير. (٣) لم نقف عليه، وفي صفة الصفوة ٤/ ٤١٧: عن ذي النون المصري قال: كنت في الطواف، فسمعت صوتًا حزينًا، وإذا أنا بجارية متعلقة بأستار الكعبة وهي تقول: أنت تدري يا حبيبي … من حبيبي أنت تدري ونحول الجسم والدم … ـــع يبوحان بسري يا عزيزي قد كتمت الـ … ــحب حتى ضاق صدري (٤) ما بين حاصرتين من (ب).