وقال ابنُ عائشة: داخلت على إسحاقَ الأزرق، فقال: الساعةَ كان عندي أبو نُواس، ثم أخرج إليَّ رُقْعَة، وإذا فيها: [من المنسر]
يا ساحرَ المُقلتَين والجِيدِ … وقاتلي منه بالمواعيدِ
تُوعِدُني الوَصْلَ ثم تُخْلِفُني … فوا بَلائي من خْلْفِ موعودي
حدَّثني الأزرقُ المُحَدِّثُ عن … عَمرو بن شَمْرٍ عن ابن مسعود (١)
لا يُخْلفُ الوَعْدَ غيرُ كافرةٍ … وكافرٍ في الجَحيم مَصْمودِ (٢)
ثم قال الأزرق: واللهِ كذب عليَّ وعلى التابعين وعلى أصحاب محمَّد ﷺ، ما حدَّثتُه بهذا قطّ.
ولقي شعبةُ أبا نواس، فقال: أَنشدني من طُرَفك، فقال: [من السريع]
حدَّثني الخَفَّاف عن وائلٍ … وخالدِ الحَذَّاء عن جابرِ
ومِسْعَرٌ عن بعض أشياخِه … يرفعه الشيخُ إلى عامر
قالوا جميعًا أيُّما طَفْلَةٍ … عُلِّقها ذو خُلُقٍ طاهر
فواصلَتْه ثم دامت له … على وصال الحافظِ الذَّاكر
كانت لها الجنةُ مَفْتوحةً … تَرتَع في مَرْتَعِها الزَّاهر
وأيُّ مَعْشوقٍ جَفا عاشقًا … بعد وصالٍ دائمٍ ناضر
ففي عذاب اللهِ مَثْوًى له … بُعدًا له من ظالمٍ غادر
فقال له شعبة: إنَّك لَجميلُ الأخلاق، وإنِّي لأرجو لك (٣).
قال المصنِّف ﵀: خاف شعبةُ من لسانه، وإلَّا فشعبةُ أشدُّ حالًا من الأزرق.
ودخل أبو نواسٍ يومًا على الأمين، فأنشده: [من الكامل]
= والمقاصد الحسنة ص ٦٥٨.
(١) في البداية والنهاية ١٤/ ٧٢: شمر وعوف عن ابن مسعود، وما هنا موافق لما في تاريخ دمشق ٤/ ٦٢٥. والأبيات ليست في الديوان.
(٢) في تاريخ دمشق والبداية والنهاية: مصفود.
(٣) تاريخ بغداد ٨/ ٤٧٨ - ٤٧٩، والبداية والنهاية ١٤/ ٧١، باختلاف في البيت الأخير، والأبيات ليست في الديوان.