وقال عبدُ الله المذكور: أنشدتُ الأمينَ أوَّل [ما](١) ولي الخلافة: [من المنسرح]
لا بدَّ من سَكرةٍ على طَرَبٍ … لعلَّ روحًا تُدال من كُرَبِ
فعاطنيها صَهباءَ صافيةً … تضحك من لؤلؤ على ذَهَب
خليفةَ الله أنت مُنتَخَبٌ … لخير أمٍّ من هاشمٍ وأب
فأمر لي (٢) بمئتي ألفِ درهم، فصالحوني على مئة ألفِ درهم.
وغنَّى إبراهيم بنُ المهديّ (٣) ليلةً بين يدي محمَّد وكانا في حرَّاقة: [من الطويل]
هجرتُكِ حتى قيل لا يعرف الرِّضا … وزرتُكِ حتى قيل ليس له صبرُ (٤)
فملأ له الحرَّاقةَ ذهبًا.
ومرَّ (٥) محمد ليلةً بجاريةٍ له سكرى، فراودها، قالت: لا أفعل على هذه الحال إلى غد. فلمَّا كان من الغد أتاها، فامتنعت عليه، فقال لها: هذا الميعاد، فقالت: أما سمعتَ المَثل السائر: كلامُ الليل يمحوه النهار؟ [فقال: مَن ببابي من الشعراء؟ فقال: أبو نُواس والرَّقاش ومصعب (٦)، فأَمر بهم فأُدخلوا عليه، فقال: قولوا شعرًا في معنى: كلامُ الليل يمحوه النهار، (٧) فقال الرَّقاشي: [من الوافر]
متى تصحو وقلبُك مستطارٌ … وقد مُنع القَرارُ فلا قَرارُ
وقد تركَتْكَ صَبًّا مُستهامًا … فتاةٌ لا تَزور ولا تُزار
إذا استَنْجَزْتَ منها الوَعْدَ قالت … كلامُ الليلِ يمحوه النهار
وقال مصعب:
(١) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٤/ ٥٤٣. (٢) في (خ): له، والمثبت من تاريخ بغداد. (٣) في (ب): وقال الصوفي: غنى علي بن المهدي، والمثبت من (خ)، وهو الموافق لما في تاريخ الطبري ٨/ ٥٢٠. (٤) هو في أمالي القالي ١/ ١٥٠، والبيت في ديوان الهذليين ٢/ ٩٥٧ ضمن قصيدة لأبي صخر، وروايته: وصلتك حتى قلت لا يعرف القلى … وزرتك حتى قلت ليس له صبر (٥) قبلها في (ب): وقال الصولي أيضًا، وفي العقد الفريد ٦/ ٤٠٩: حدث أبو جعفر قال … ثم ذكر القصة، وفي مرآة الجنان ١/ ٤٥٤ أن صاحب القصة هارون الرشيد. (٦) في مرآة الجنان: أبو مصعب. (٧) في العقد الفريد ومرآة الجنان: يكون آخره: كلام الليل يمحوه النهار، وما بين حاصرتين من (ب).