أَسماكِ لي قومٌ وقالوا إنَّها … لَهي التي تشقى بها وتكابدُ
فجَحَدتُهم ليكونَ غيرَك ظنُّهم … إنِّي ليعجبني المحِبُّ الجاحدَ (١)
قلت: والبيتان من أبياتٍ أوَّلُها:
قالت مرِضْتُ فعُنتُها فتبَرَّمَت … فهي الصَّحيحة والمريض العائدُ
تاللهِ لو أن القلوبَ كقلبها … ما رقَّ للولد الضعيف الوالد
كتبت بأن لا تأتِنا فهجرتُها … لتذوقَ طعمَ الهجْرِ ثم أُعاود
ماذا عليها أن يُلِمَّ برَبْعها … ذو حلَّةٍ بسَلامةٍ مُتعاهد
إنْ كان ذَنْبي في الزِّيارة فاعلمي … أنِّي على كسب الذُّنوب لَجاهد
أَسماكِ لي قومٌ وقالوا إنَّها … لَهي التي تَشقى بها وتُكابِدُ
فجَحَدتُهم ليكونَ غيرَكِ ظنُّهم … إنِّي لَيُعجبني المُحِبُّ الجاحد
إنَّ النساءَ حَسَدنَ وجهكِ حُسنَه … حُسنُ النساءِ لحُسن وجهِك ساجد
جال الوِشاحُ على قضيبٍ زانَه … رُمَّان صدرٍ ليس يُقطَفُ ناهِدُ
لمَّا رأيتُ الليلَ سدَّ طريقه … عنِّي ولازمني الظلامُ الراكد
والنجمُ في كَبِد السماءِ كأنَّه … أعمى تَحَيَّر ما لديهِ قائد
ناديتُ مَن طَرَد الرُّقادَ بنَومه … عمَّا أكابِدُ وهو خِلوٌ هاجد
يا ذا الذي صَدَع الفؤادَ بصَدِّه … أنت البلاءُ طريفُه والتَّالد
ألقيتَ بين جفونِ عيني فُرْقَةً … فإلى متى أنا ساهرٌ يا راقد
اردد فؤادي ثم نَم في غِبطةٍ … إنِّي امرؤٌ سهري لنَوْمِكَ حاسد (٢)
قلت: وفي هذا نظر؛ لأنَّ وفاةَ العباسِ كانت بالبصرة (٣)، قال الأَصمعي: بينا أنا ذاتَ يومٍ قاعدٌ في مجلسٍ بالبصرة، إذا بغلامٍ من أحسن الناسِ وجهًا، وأنظفِهم ثوبًا، واقفٌ على رأسي، فقال: إنَّ مولاي يريد أن يوصيَ إليك، فقمتُ معه، فأخذ بيدي
(١) قال الخطيب في تاريخه ١٤/ ١٣: في هذا الخبر نظر، لأن وفاة العباس كانت بالبصرة، واختلف في الوقت الذي مات فيه.
(٢) انظر بعض هذه الأبيات في زهر الآداب ٢/ ٩٤٧، والقعد الفريد ٢/ ٤٥٣، وتاريخ بغداد ١٤/ ١٠ - ١١، ومحاضرات الأدباء ٢/ ١٤٥.
(٣) هذا القول للخطيب لا للمصنف أو المختصر، انظر تاريخ بغداد ١٤/ ١٣.