المؤمنين، دعني حتى ترجعَ إليَّ نفسي، فقد طرقني وعيالي حالٌ اللهُ أعلمُ بها، فانتظر هُنيَّةً ثم أَنشد هارون:[من مجزوء الوافر]
جنانٌ قد رأيناها … فلم نرَ مثلَها بشرا
فقال العبَّاس:
يزيدُك وجهُها حُسنًا … إذا ما زدتَه نظرا
فقال هارونُ: زدني، فقال:
إذا ما الليلُ مال عليـ … ك بالإِظلام واعتكرا
ودَجَّ فلم ترى قمرًا … فأَبرِزْها ترى قمرا (١)
فقال له هارون: قد ذعرناك وأَفزعنا عبالك، وأقل الواجبِ أن نعطيَك دِيَتَك، فأمر له بعشرة آلافِ درهم.
ومن شِعر العبَّاس:[من البسيط]
قد سَحَّب الناسُ أذيال الظُّنون بنا … وفرَّق الناسُ فينا قولَهم فِرَقا
مكاذب قد رمى بالظنِّ غيرَكمُ … وصادقٌ ليس يدري أنَّه صَدَقا (٢)
أخذه من قول العُقيلي:[من الطويل]
أَلَا يا سرورَ النَّفسِ ليس بعالمٍ … بك الناسُ حتى يعالموا ليلةَ القدرِ
سوى رجمِهم بالظنِّ والظنُّ مخطئٌ … مِرارًا ومنهم مَن يصيب ولا يدري (٣)
وقال (٤): [من البسيط]
أَفدي (٥) الذين أَذاقوني مودَّتَهم … حتى إذا أَيقظوني في الهوى رَقَدوا
(١) الأبيات مع القصة في تاريخ بغداد ١٤/ ١١ - ١٢، والمنتظم ٩/ ٢٠٦ - ٢٠٧. (٢) الأغاني ٨/ ٣٦٧، وتاريخ بغداد ١٤/ ٩، والمنتظم ٩/ ٢٠٦. (٣) تاريخ بغداد ١٤/ ١٠. (٤) نسبت الأبيات أيضًا لبشار بن برد، انظر ديوانه ٢/ ٢٢٨، وعيون الأخبار ٣/ ٧٨، وطبقات ابن المعتز ص ٢٥٥، والأغاني ٨/ ٣٦٥، ووفيات الأعيان ٣/ ٢٠، والوافي ١٦/ ٦٣٨. (٥) في المصادر: أبكي، وفي بعضها: أشكو.