فلعمري لو ذُقْتُما حُرقَةَ الفُر … قةِ أَبكاكُما الذي أَبكاني
كم رَمَتنْي صروفُ هذي الليالي … بفِراق الأَحبابِ والخُلَّان
وهذا الشعر قديم؛ فإنَّ المهديَّ مرَّ بهما ونزل عندهما، وقال لجاريته حَسَنة: غني، فغنَّت: [من الطويل]
أَيَا نخلتَي وادي بُوَانةَ حبَّذا … إذا نام حرَّاسُ النخيلِ جَناكُما (١)
فقال المهديّ: أُريد أن أقطعَ هاتين النَّخْلَتين، فقالت له حَسَنة: أُعيذك بالله أن تكونَ الذي أَشار إليه مُطيع، وأَنشدت البيتين، فقال: لله درك، واللهِ لا تعرَّضت. ووكَّل بهما مَن يَحفظهما ويقوم بأَمرهما.
وقد أكثر الشعراءُ في نخلَتي حُلوانَ، قال حمَّاد بنُ إِسحاق: [من الخفيف]
أيُّها العاذِلانِ لا تَعْذُلاني … ودَعَاني من المَلامِ دعاني
وابكيا لي فإنَّني مُسْتَحِقٌّ … منكما بالبكاءِأن تُسعِداني
وأنا منكما بذلك أوْلى … من مُطيعٍ بنخلَتَي حُلْوانِ
فهما تجهلانِ ما كان يشكو … من جَواه وأنتما تعلمان (٢)
وقال آخر (٣): [من الخفيف]
جَعل الله سِدْرَتَي قصرِ شِيريـ … ــــــــــن فداءً لنخلتَي حُلْوانِ
جئتُ مُسْتَسعِدًا (٤) فلم يسعداني … ومُطيعٌ بكَتْ له النَّخلتان
وفيها رجع الرشيدُ إلى بغدادَ من الرَّيِّ بعد أن أَحسنَ إلى أهلها؛ لأنه وُلد بالرَّيّ.
وقال أبو العَتاهِية: [من السريع]
إنَّ أمينَ اللهِ في أرضه … حنَّ به البِرُّ إلى مولدِهْ
ليُصلحَ الرَّيَّ وأَقطارَها … ويُمطرَ الخير بها من يدهْ (٥)
(١) الأغاني ١٣/ ٣٣٣، ومعجم البلدان (حلوان).
(٢) المضاف والمنسوب ص ٥٨٩ - ٥٩٠، والأغاني ١٣/ ٣٣٤، ومعجم البلدان (حلوان).
(٣) هو حماد عجرد، انظر المصادر السابقة.
(٤) في (خ): مستعديًا، والمثبت من المصادر.
(٥) تاريخ الطبري ٨/ ٣١٧.