بالخلافة منا؟ فقال: لا واللهِ ما قلتُه، فقال: أتكذِّبني؟! وأمر بضربه فضرب اثني عشر سَوطًا، ثم قال المهديُّ لإِسحاق: ما تقول أنت؟ قال: كيف أقولُ هذا وقد مات جدِّي في الجاهلية كافرًا وأبوك الباقي بعد رسولِ الله ﷺ وهو وارثُه، فقال له المهديّ: صدقت. وأَطلقه وردَّ يعقوبَ إلى محبسه.
وكان يعقوبُ سَمْحًا جوادًا، كثيرَ البِرِّ والصَّدقة واصطناعِ المعروف؛ جاءت امرأةٌ من اليمامة جَعْديَّةٌ مملوكةٌ لبني جعدةَ يقال لها: وحشية، قد كاتبت على ولدها وأختِها وأهلِ بيتها بألف دينار، فوقَفَت بين يدي يعقوبَ بنِ داود وقالت:[من الوافر]
أَمَا ومعلِّمِ التوراةِ موسى … ومُرسي البيتِ في حَرَم الإلالِ (١)
وباعثِ أحمدٍ فينا رسولًا … يعلِّمنا الحرامَ من الحلال
لَشهرًا نحو يعقوبٍ سَرَينا … فأدَّاني له وقتَ الهلال
أَغِثْني يا فداك أبي وأمِّي … وعمِّي لا أُحاشيه وخالي
يُبَشِّرني بنُجحي كلُّ طيرٍ … جَرَتَ لي عن يميني أو شِمالي
فقال يعقوب: صَدَقَت طيرُك، وأعطاها ألفَ دينار وقال: اِذهبي فاشتري أهلَك وولدَك وأَقدِميهم عليّ، ففَعَلَت، فما زالت في عيال يعقوبَ هي وأهلُها حتَّى ماتت.
وكان يعقوبُ ممدَّحًا، مدحه سَلْمٌ (٢) الخاسر وأبو الشِّيص وأبو حَنَش وغيرُهم.
* * *
(١) في (خ): الآل، والمثبت من تاريخ بغداد ١٦/ ٣٨٤: الإلال: العهود، واحدها إل. (٢) في (خ): سالم، وهو خطأ، وانظر تاريخ بغداد ١٦/ ٣٨٤، والقاموس المحيط (خسر).