وقال: إذا قولتَ منه فقيِّده وألبِسه جبةَ صوف، واحمله على بعيرٍ بغير وطاءٍ ولا غطاء، وكان المهديُّ بماسَبَدْان، فوكب للصيد، وإذا بالخادم وإبراهيم، فقال: ما هذا؟ فقالوا: هذا إبراهيمُ ومعه خادمُ موسى، فقال: وما حاجتُنا إلى الصيد؟! وهل من صيدٍ أطيبُ من صيد إبراهيم! عليَّ به. قال: فأدنيت منه وهو على فرسه، فقال: إبراهيم؟ قلت: لبَّيك يا أميرَ المؤمنين، فقال: واللهِ لأقتلنَّك، قالها ثلاثًا، ثم قال للخادم: امضِ به إلى المضرب. قال: فيئست من الحياة، فلما صرتُ في المضرب أخذتُ في الصلاة والتضرُّع، وانصرف المهديُّ (١) فأكل من اللَّوزِينَج المشهورِ خبرُه، فمات من وقته وتخلَّصتُ.
وتوفِّي في المحرَّم، فقيل: لثمانٍ بقينَ منه ليلةَ الخميس، وقيل: ليلةَ الجمعة لسبعٍ بقين منه، وعاش ثلاثًا وأربعين سنة، وقيل: خمسًا وأربعين سنة، ووُلد سنةَ تسعٍ وعشرين ومئة (٢)، وقيل: سنةَ سبعٍ وعشرين ومئة، وقيل: وخمسةِ أيام، وصلَّى عليه هارون، وكان بجُرجان، ودُفن تحت جَوزة، وكان يجلس عندها.
ورثاه جماعةٌ، منهم بكَّار بى رباح، فقال:[من الطويل]
أَلا رَحِمَ (٣) الرحمنُ في كلِّ سماعةٍ … على رِمَّةٍ رمَّت بماسَبَذانِ
لقد غيَّب القبرُ الذي ثُمَّ سؤدَدًا … وكفَّينِ بالمعروف تبتدران
وقال سلم (٤) الخاسر: [من الوافر]
وباكيةٍ على المهديِّ عَبرَى … كأنَّ بها وما جنَّت جنونا
وقد خمشتْ محاسنَها وأَبدت … غدائرَها وأَظهرت القرونا
لئن بليَ الخلافةَ بعد عشرٍ (٥) … لقد أبقى مساعيَ ما بَلينا
سلامُ الله غُدوةَ كلِّ يومٍ … على المهديِّ حين ثوى رهينا
(١) في (خ): الهادي. والمثبت من الفرج بعد الشدة ٣/ ٣٢٨. (٢) لم أقف على هذا القول. والذي بعده هو الصواب. (٣) في تاريخ الطبري ٨/ ١٧١: رحمة. (٤) في (خ): سالم، وهو خطأ، والمثبت من تاريخ الخلفاء ص ٢٧٣، وسمط النجوم العوالي ٣/ ٢٦٨. (٥) في تاريخ الخلفاء وسمط النجوم: عز.