عيبُ ما نحن فيه يَا أهلَ وُدِّي … أنكم غُيَّب (١) ونحن حضور
فأَجِدُّوا في السير بل إنْ قدرتمْ … أَن تطيروا مع الرِّياح فطيروا
فكتبتْ إليه تقول:
قد أتانا الذي وصفتمْ (٢) من الشَّو … قِ فكدنا من الغَرام نطيرُ
ليت أنَّ الرِّياحَ كنَّ يؤدِّيـ … ـنَ إليكم ما قد يُجِنُّ الضمير
لم أزل صبَّةً فإنْ كنتَ بعدي … في سرورٍ فدام ذاك السُّرور
ذِكرُ وفاته:
قال عليُّ بن يقطين: بينا نحن مع المهديِّ بقصره بماسَبَذانَ نام نومة، ثم انتبه وهو
يبكي، فقمنا إليه فقلنا: ما الخبر؟ فقال: أَتاني الساعةَ آت، فوقف على باب القصرِ
وقال: [من الطَّويل]
كأنِّي بهذا القصرِ قد باد آهلُهْ … وأَوحشَ منه رَبْعُه ومنازلُهْ
وصار عميدُ القومِ من بعد بهجةٍ … ومُلكٍ إلى قبرٍ عليه جَنادلُه
فلم يبقَ إلَّا ذِكرُه وحديثُه … تنادي عليه مُعْولاتٍ حلائلُه
فلم يلبثْ سوى عشرةِ أيامٍ ومات (٣).
وقال الشافعيُّ ﵀: لما فرغ المهديُّ من بناء قصره، تحوَّل إليه ومعه حَشَمُه، فبينا هو ذات ليلةٍ نائم، إذ سمع صوتًا من زاوية القصرِ يهتف:
كأنِّي بهذا القصرِ قد باد آهلُهْ … وأَوحش منه رَبعه ومنازلُهْ (٤)
فأجابه المهديُّ وقال:
كذاك أمورُ الناسِ يبلى جديدُها … وكلُّ فتًى يومًا ستَبلى فعائلُه
فأجابه الهاتفُ وقال:
تلبَّثْ ثلاثًا بعد عشرين ليلةً … إلى منتهى شهرٍ وما أَنْتَ كامله
(١) في بهجة المجالس ٢/ ٨٢١، وتاريخ دمشق ٦٢/ ٥١٠: غبتم.
(٢) في (خ): قد وصفتم، وهو خطأ.
(٣) تاريخ الطبري ٨/ ١٧٠ - ١٧١، وتاريخ دمشق ٦٢/ ٥١٢، والكامل ٦/ ٨١.
(٤) في تاريخ دمشق ٦٢/ ٥١٣، والبداية والنهاية ١٣/ ٥٥٠: وقد درست أعلامه ومنازله.