وأوَّل هذه الأبيات:
وإنَّ مَن أدَّبتَه في الصِّبا … كالعُود يُسقى الماءَ في غرسهِ
حتَّى تراه ناضرًا مُورِقًا … بعدَ الذي أَبصرتَ من يُبسه
والقَ أخا الضِّغْن بإِيناسه … ليدركَ الفرصةَ في أُنسه
كاللَّيث لا يَفرِس أَقرانَه … حتَّى يرى الفُرصةَ في فَرْسه
ما يبلغ الأعداءُ من جاهلٍ … ما يبلغ الجاهلُ من نفسه
والشيخُ لا يترك أخلاقَه … حتَّى يوارَى في ثَرَى رَمسه
إذا ارعوى عادَ إلى جهله … كذي الضَّنى عاد إلى نُكسه
ومن شِعره: [من الكامل]
المرءُ يجمع والزمان يفرِّق … ويظلُّ يَرْقع والخطوبُ تمزِّقُ
ولَأَن يعاديَ عاقلًا خيرٌ (١) له … من أن يكونَ له صديقٌ أحمق
فارغبْ بنفسك لا تصادقْ أَحمقًا … إنَّ الصديقَ على الصديق مصدَّق
وزِن الكلامَ إذا نطقتَ فإنما … يُبدي عيوبَ ذوي العقولِ المنطق
ومن الرِّجال إذا استوت أخلاقُهمْ (٢) … مَن يُستشار إذا استُشير فيُطْرق
حتَّى يُجِيلَ بكلِّ وادٍ قلبَه … فيرى ويعرف ما يقول فيَنطِق
وإن امرؤٌ لسعتْه أَفعى مرَّة … تركتْه حين يُجَرُّ حبلٌ يَفْرَق
لا أَلقينَّك (٣) ثاويًا في غُربةٍ … إنَّ الغريبَ بكلِّ نَبلٍ يُرشَق
ما النَّاسُ إلَّا عاملان فعاملٌ … قد مات من عطشٍ وآخَرُ يَغرق
والناسُ في طلب المعاشِ وإنَّما … بالجَدِّ يُرزق منهمُ مَن يُرزق
لو يُرزقون على وِزان عقولهمْ … أَلفيتَ أكثرَ مَن ترى يتصدَّق
وإذا الجنازةُ والعروسُ تلاقيا … أَلفيتَ مَن تبع العَرائِسَ (٤) يعبق
(١) في (خ) وتاريخ بغداد ١٠/ ٤١٤: خيرًا، والمثبت من تاريخ الإِسلام ٤/ ٤١٢.
(٢) في تاريخ بغداد، ووفيات الأعيان ٢/ ٤٩٣: أحلامهم.
(٣) في (خ): لألقينك. وهو خطأ.
(٤) في (خ): الجنازة. وهو خطأ. والمثبت من المصادر.