إلَّا فكاك رقبتي من النار، إلهي إنَّ الجزعَ قد أرَّقني، ولو كان في عذرٌ في التخلِّي لما أقمتُ مع الناس طرفةَ عين (١).
ذكر وفاته:
قال أبو نعيم: خرجَ سفيان من الكوفة في سنة خمس وخمسين ومئة ولم يرجع إليها، ومات سنة إحدى وستين ومئة، وهو ابنُ ستّ وستين سنة.
وقال خليفة: توفّي سنةَ اثنتين وستين ومئة (٢).
وقال الخطيب: وسنة إحدى وستين أصحّ (٣). وكذا قال ابن سعد (٤).
وحكى أبو نعيم عن ابن مهدي قال: مات سفيان عندي، فلما اشتد به الوجع جعل يبكي، فقال له رجل: أراك كثير الذنوب؟ فقال: ما أخاف من ذنوبي، وإنَّما أخافُ أن أستلبَ الإيمانَ عند الموت (٥).
وقال ابن مهدي: توضَّأ سفيان تلك الليلة ستينَ مرَّة، فلمَّا كان عند السحر قال لي: يا ابن مهدي، ضع خدي على الأرض، فما أشدَّ الموت وكربه. قال: فخرجت لأعلم حماد بن سلمة (٦) وأصحابه، وإذا بهم قد استقبلوني. وقالوا: آجرَك الله. فقلت: من أين علمتم؟ قالوا: ما منَّا أحدٌ إلا أُتي البارحة في منامه فقيل له: ماتَ سفيان.
وقال الخطيب: حجَّ المهديُّ فدخلَ عليه فوعظه، وعنده أبو عبيد وزيرُه، فقال له يا أبا عبد الله، قد كانت كتبكَ تأتينا، فقال: ما كتبتُ إليكم، ثمَّ قام، فقال له المهدي: إلى أين؟ قال: أعود، وترك نعله، ثم عاد فأخذها ومضى، وانتظره المهديّ فلم يعد، فسألَ عنه، فقالوا: عاد وأخذ نعلَه، فغضب وقال: أمن الناس كلهم إلَّا الثوريّ، فخرجَ إلى البصرة، فاستخفى، فلمّا احتضر قال: ما أشدَّ الغربة، انظروا هل هاهنا
(١) حلية الأولياء ٧/ ٦٠. (٢) تاريخ خليفة ص ٤٣٧، وطبقاته ص ١٦٨. (٣) تاريخ بغداد ١٠/ ٢٤٣. (٤) في طبقاته ٨/ ٤٩٢. (٥) حلية الأولياء ٧/ ١٢. (٦) كذا، وفي صفة الصفوة ٣/ ١٥٠: لأعلم حماد بن زيد.