نُظرائك، فأقرَّ لي بذنبك أَعْفُ عنك، فقلتُ في نفسي: هذا عالم فقيه يريد أن يقتلني بحجَّة، فقلت: يا أمير المؤمنين، كلُّ ما بلغك مما عفوت عني بسببه فأنا مقرٌّ به، فضربني بالمِخْصَرة وقال: قد أمرتُ لك بعشرة آلاف درهم وخِلْعَة، وألحقتُك بنُظرائك مثل: رؤبة، وطريح بن إسماعيل، ولئن بلغني عنك ما أكره قتلتُك، فقلت: إن بلغك ذلك فأنت في حلٍّ من دمي، فقال: إن الزمان ضيِّق بأهله فاشتر بهذه إبلًا عَوامِلَ، وإياك أن تقول: كلما مدحتُ أمير المؤمنين أعطاني مثلها، هيهات والعَودُ إلى مثلها، قال: فقدمت المدينة، فأتاني رجل من الطالبيين فسلَّم علي، فقلت: تنحَّ عني لا تَشِيط بدمي، فقال: ألستَ القائلَ فينا: [من المتقارب]
ومهما أُلام على حُبِّهم … فإني أُحبُّ بني فاطمهْ
بني بنت من جاء بالمُحْكَما … تِ والدِّين والسُّنَّة القائمهْ
ولستُ أُبالي بحبِّي لهم … سواهم من النَّعَمِ السَّائمهْ
قال ابن هرمة: فقلت: أعضَّ قائلَها بهَنِ أُمّه، فقال: قد قلتَها، فقال: أعضُّ بهَنِ أمي خير من أن أُقتل.
ودخلتْ يومًا على المنصور جارية وعليه ثوب مَرْقوع فقالت: خليفةٌ يكون عليه ثوب مرقوع؟! فسمعها فقال: وَيحك أما سمعتِ قولَ ابن هَرْمَة: [من الكامل]
وفيها عزل أبو جعفر عبدَ الله بن زياد الحارثيّ (٢) عن المدينة، وولَّى جعفرَ بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عباس.
(١) الشعر والشعراء ص ٧٥٣، طبقات الشعراء ص ٢٠، أنساب الأشراف ٣/ ٢٥٥، تاريخ بغداد ٧/ ٤٦، تاريخ دمشق ٢/ ٤٧٤، المنتظم ٩/ ٢١ (وفيات سنة ١٧٦)، السير ٦/ ٢٠٧، تاريخ الإسلام ٣/ ٨٠٩، ديوانه ص ١٤٤، ١٦٨، ٢١٤. (٢) كذا في (ب) و (خ). والصواب: عبد الله بن الربيع. انظر تاريخ الطبري ٧/ ٦٥٦، والمنتظم ٨/ ٩٦، والكامل ٥/ ٥٧٦.