الكيس، وفيه خمسُ مئة دينار، ويقول: استعنْ بها على زمانك وعيالك. فقال صفوان: لستُ الذي أُرْسِلْتَ إليه. فقال: ألَسْتَ صفوانَ بنَ سُليم؟ قال: بلى، ولكن اذْهَبْ فاسْتَثْبِتْ وعُدْ. دقال: فخذ الكيس حتى أذهب وأعود. فقال له: لا، فاذْهَبْ فاسْتَثْبِتْ. فمضى الخادمُ، وقام صفوان، فأخذَ نعلَه وخرج، فلم يُرَ بالمدينة حتى خرج سليمان (١).
أسندَ صفوانُ عن ابن عمر، وجابر، وأنس، و [أبي أمامة بن] سهل بن حُنَيف، وعبدِ الله بن جعفر وغيرهم. وسمع كبار التابعين.
وروى عنه الأئمة: محمَّد بن المنكدر، والثوريُّ، ومالك بن أنس، في آخرين (٢).
واتفقوا على صدقه وثقته وزَهَادته. ذُكر للإمام أحمد ﵁ صفوان بن سليم وقلة حديثه وأشياء خُولف فيها، فقال الإِمام أحمد: إنما كان صفوان يُستسقى بحديثه، ويُستنزل القَطْر بذكره (٣).
وقال المنكدر [بن محمَّد بن المنكدر]: خرج صفوان في جنازة وفيها أبو حازم وجماعة من العُبَّاد، فلما دُفن الميِّت؛ التفت صفوان إليهم فقال: أمَّا هذا فقد انقطعت عنه أعمالُه، واحتاج إلى دعاءِ مَنْ خَلَّفَه بعده. فأبكى واللهِ الناسَ جميعًا (٤).
وكان يقول: اللهمَّ إني أُحبُّ لقاءك، فأَحِبَّ لقائي (٥).
وكان سفيان الثوريُّ إذا حَدَّثَ عنه يقول: حدثني صفوان وكنتَ إذا رأيتَه علمتَ أنَّه يخشى الله (٦).
مات صفوان سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وقيل: سنة أربع وعشرين ومئة (٧)، وهو وهم.
(١) حلية الأولياء ٣/ ١٦٠، وتاريخ دمشق ٨/ ٣٣١، وصفة الصفوة ٢/ ١٥٥، وما سلف بين حاصرتين منها. (٢) تاريخ دمشق ٨/ ٣٢٧ وما سلف بين حاصرتين منه، ولا بدّ منه. (٣) المصدر السابق ٨/ ٣٣٣، ولفظه لابن الجوزي في "صفة الصفوة" ٢/ ١٥٦، ولم أقف على من ذكره بقلّة الحديث، وقد قال فيه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" ٧/ ٥١١: كان ثقة كثير الحديث. (٤) تاريخ دمشق ٨/ ٣٣٣، وما سلف بين حاصرتين منه للإيضاح. (٥) المصدر السابق ٨/ ٣٣٤. (٦) تاريخ دمشق ٨/ ٣٢٩، وفيه: سفيان بن عيينة، وكذا في "تهذيب الكمال" ١٣/ ١٨٨. (٧) نقله ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٨/ ٣٢٩ عن الترمذيّ.