أبي وقاص: أنزل القرآن على عهد رسول الله ﷺ فتلاه عليهم زمانًا فكأنهم ملُّوا، فقالوا: يا رسول الله، لو حدَّثتنا، فأنزل الله ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ [الزمر: ٢٣] فقالوا: لو قصصت علينا، فأنزل الله: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ فقالوا: لو وعظتنا، فأنزل الله: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الحديد: ١٦](١).
واختلف العلماء لم سُميت سورةُ يوسفَ أحسنَ القصص على أقوال:
أحدها: لأنَّه ليس في القرآن قصة تتضمن ما تتضمن، لأنَّ فيها ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة، والجن والإنس، والأنعام والطيور، وسيرَ الممالك والملوك، والعلماء والرجال، والنساء وحِيَلِهنَّ ومكرِهنَّ، وذكر التوحيد والفقه، والبكاء والفرح، والسجن والمسجونين، وتعبير الرؤيا وتدبير المعاش، وذكر المحب والمحبوب، والبعد واللقاء، والسياسة والمعاشرة وحسن المحاورة، والصبر على الأذى والعفو والكرم ونحو ذلك، فكانت أحسن القصص لما فيها من المعاني الجزيلة، والفوائد الجليلة، التي تصلح لمكارم الأخلاق، وذكر التلاقي بعد الفراق، قاله ابن عباس، وابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم.
والثاني: لامتداد الأوقات فيما بين مبتداها إلى منتهاها، واختلفوا فيه، قال ابن عباس: كان بين رؤيا يوسف ومصير إخوته إليه وأبيه سبعون سنة جرى فيها الغرائب.
وقال الحسن البصري: ثمانون سنة.
وقال مجاهد: أربعون سنة، وهو رواية عن ابن عباس وعليه أكثر المفسرين.