وكان عاملًا لأبيه على حمص، وكان مُغْرًى بالشراب والنساء، فوفد أبو الجَعْد الطائيّ على هشام، فبينا هو في الطريق، إذا بخصيّ لهشام، فقال له أبو الجَعْد: هل لك أن أُعْطِيَك هذا الفرس؟ فإنِّي لا أعلمُ في الخيل مثلَه. قال الخصيّ: نعم. قال: تُوصلُ هذا الكتاب إلى مولاك. ودفع إليه كتابًا مختومًا، فدفعه الخَصِيُّ إلى هشام، ففتحه، فإذا فيه:
أبْلِغْ لديك أميرَ المُؤْمنين فقد … أمدَدْتَنا بأميرٍ ليس عِنِّينا (١)
طَوْرًا يُخالفُ عَمْرًا في حَلِيلَتِهِ … وعند داحةَ (٢) يبغي الأجْرَ والدِّينا
ففهم هشامٌ، فأرسلَ إلى سعيد من جاء به، فضربه بالخيزرانة، وقال: يَا لُكَع، أعَجَزْتَ أن تفجر فجور قريش؟! يعني أخْذَ المال دون الزِّنى. واللهِ لا وَلِيتَ لي ولايةً أبدًا. فما وليَ له ولاية حتَّى مات هشام (٣).
وقال البلاذري (٤): ولَّى هشامٌ ابنَه سعيدًا حمص، فكان يُرسل إلى امرأة عَمرو بن الدليل من بني الرَّباب، فيكون معها، فشهدوا عليه بذلك عند هشام، فأحضره وقال: يا ابن الخبيثة، أتزني وأنتَ ابنُ أمير المُؤْمنين؟! فضربه الحدّ وقال: والله لا وَلِيتَ لي ولايةً أبدًا. فيقال: إنه مات من ذلك الضرب (٥). [قال البلاذري:] والمثبت أنَّه عاشَ بعد موت أَبيه.
وقال أبو اليقظان: كان سعيد من أجمل الغلمان، وكان عبد الصمد بن عبد الأعلى يؤدِّبُه، فأراده على الفاحشة، فدخل سعيد على أَبيه هشام، فقال:
إنه واللهِ لولا أنتَ لم … ينجُ منّي سالمًا عبدُ الصَمَدْ
إنَّه قد رامَ منِّي خُطَّة … لم يَرُمْها قبلَه منِّي أَحَدْ
(١) في (خ): يغنينا. والمثبت من (ب) و (د)، وهو موافق لما في "العقد الفريد" ٤/ ٤٤٨ والخبر فيه بنحوه. (٢) في "أنساب الأشراف" ٧/ ٣٤٥: تاجة. والبيتان فيه بنحوهما بقافية مكسورة. (٣) ينظر المصدران السابقان، والكلام ليس في (ص) وينظر التعليق التالي. (٤) عبارة ص: وأما سعيد؛ فقال البلاذري … إلخ. لم يرد فيها الكلام السابق كما سلف في التعليق قبله. وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٣٤٧. (٥) في (ص): الحدّ.