نادمتُها على عُقارٍ كعين الـ … ـــــدِّيكِ صَفَّى سُلافها الرَّاووقُ
ثم كان المِزاجُ ماءَ سحابٍ … لا صَرًى آجِنٌ ولا مطروقُ
فدعا بالصَّبُوح يومًا فجاءَتْ … قَيْنةٌ في يمينها إبريقُ
فقال هشام: أحسنتَ يَا حمَّاد واللهِ. ثم قال للجارية: اسقيه. فسقَتْني شَرْبَةً أذهبَتْ ثُلث عقلي. وقال: أعِدْ. فأعدتُها، فطرب حتَّى نزل من فرشه وقال للجارية الأخرى: اسقِيه. فسقَتْني شَرْبَةً أذهبَتْ بثلثي عقلي. فقال هشام. إن شربتَ الثالثة افتضحْت، فسَلْ حوائجَك. فقلتُ: كائنةً ما كانت؟ قال: نعم. قلت: إحدى الجاريتين. قال: هما معًا لك بما عليهما وما لهما. ثم قال للأخرى: اسقيه. فسقَتني شَرْبَةً سقطتُ منها، فلم أعقل.
فلما أصبحتُ؛ إذا الجاريتان عند رأسي، وإذا عَشَرةٌ من الخدم؛ مع كل واحد بَدْرَة، فقال لي واحد: أميرُ المُؤْمنين يعتذرُ إليك، فخُذْ ما بعثَ به إليك. فأخذتُ البِدَرَ والجاريتين وانصرفتُ.
قلت: كذا ذكر القاضي التَّنوخي وأبو الفَرَج الأصفهاني أن الواقعة كانت مع هشام (٥).
وقال المُعافَى بن زكريا: وقد رُوي مثلُ هذا لحمَّاد مع يزيد بن عبد الملك، وهو أشبه؛ لأنه كان جوادًا، وهشام كان بخيلًا.
(١) في المصادر: في وَضَح. (٢) أي: محبوس. (٣) في المصادر الآتية: لست أدري إذ أكثروا العذل فيها. (٤) أي: واضح في سعة وبريق. وجاء هذا الشطر برواية مختلفة عن المصادر. (٥) الفرج بعد الشدة ٤/ ٢٨٧ - ٢٩٠، والأغاني ٦/ ٧٥ - ٧٧. وينظر "وفيات الأعيان" ٢/ ٢٠٧ - ٢٠٩، و"تاريخ دمشق" ٥/ ٢٧٨ - ٢٧٩.