وقال خالد بنُ صفوان لعمرو بن عبيد: لِمَ لا تأخذُ مني؟ فقال: ما أخذَ أحدٌ من أحدٍ شيئًا إلَّا ذلَّ له، وأنا أكرهُ أن أَذِلَّ لك (١).
وتفاخرَ الأبرش الكلبيّ وخالد بين يدي هشام بن عبد الملك، فقال الأبرش: لنا رُبْع البيت -يريد الرُّكنَ اليمانيّ- ومنَّا حاتم الطائيّ، والمُهَلَّبُ بنُ أبي صُفْرة. فقال خالد: منَّا النبيُّ المُرسل، ولنا الكتابُ المُنزل، ولنا الخليفةُ المؤمَّل. فقال الأبرش: لا فاخرتُ مُضَريًّا بعد اليوم (٢).
ووفد على هشام قومٌ من اليمن من كلب، ففخروا بقومهم، فأكثروا، فقال هشام لخالد (٣): أَجِبْهُم. فقال: يا أمير المؤمنين، هم بين حائكِ بُرْد، ودابغ جِلْد، وسائسِ قِرْد، ملكَتْهُم امرأةٌ، ودَلَّ عليهم هُدْهُد، وأغرقَتْهم فأرة. فلم تقم بعدها ليمانيّ قائمة.
وسئل الحسن البصري عن قوله تعالى: ﴿قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ [مريم: ٢٤] فقال: كان - واللهِ - عيسى ﵇ سريًّا. فقال له خالد: يا أبا سعيد، إنَّ العرب تسمي الجدولَ: السَّرِيَّ. فقال له الحسن: صدقتَ (٤).
وكان أمية بنُ عبد الله بن أَسِيد عاملَ عبد الملك على البصرة، وكان يحارب أبا فُديك الخارجي، فهزمه (٥)، فدخل البصرة، فقال الناسُ: كيف ندعو لمنهزم؟! فقام خالد بن صفوان فقال: بارك الله لك أيُّها الأمير في قدومك، والحمد لله الذي نظر لنا [عليك] ولم ينظر لك (٦)[علينا] فقد تعرَّضْتَ للشهادة جُهْدَك، لكن علمَ اللهُ حاجتَنا إليك، فآثَرَنا بك، ولك عند الله ما تحبُّ.
(١) تاريخ دمشق ٥/ ٤٧٦ (مصورة دار البشير). (٢) العقد الفريد ٣/ ٣٣٠ و ٤/ ٤٦، وبنحوه مختصر في "أنساب الأشراف" ١١/ ٣٥٩ في المفاخرة على باب الحجاج. (٣) كذا في "الأذكياء" ص ١٥٨. وفي رواية "عيون الأخبار" ١/ ٢١٧: فَخَرَ ناسٌ من بني الحارث بن كعب عند أبي العباس، فقال أبو العباس لخالد … وكذا هو في "أنساب الأشراف" ١١/ ٣٦٧، والخبر فيه بنحوه. (٤) فضائل القرآن لأبي عبيد ص ٢٠٦ - ٢٠٧، وتاريخ دمشق ٥/ ٤٩٦. (٥) يعني هزَمَه أبو فُديك. (٦) في (ب) و (خ) و (د): لنا، بدل: لك. والمثبت من "تاريخ دمشق" ٥/ ٤٦٩، وما بين حاصرتين منه، وهو بنحوه في "أنساب الأشراف" ١١/ ٣٥٦ - ٣٥٧.