وخوَّفه من النار، فانصرفَ من عنده، فلم يزل في تبديد ماله حتى لم يبق له شيء، ثم جعل يستقرضُ على الله بعد ذلك (١).
[وقد ذكر القصة أبو القاسم ابن عساكر بهذا الإسناد عن أبي نُعيم (٢)، وذكر فيها أن حبيب العجمي وقف على حلقة الحسن وقال: اين همي كوي. ومعناه بالفارسية: أيش يقول هذا؟].
وقال أبو جعفر السائح: كان حبيب تاجرًا يُقرض (٣) الدراهم، فمرَّ ذات يوم بصبيان يلعبون، فقال بعضهم لبعض: قد جاء آكل الرِّبا. فنكَّس رأسه وقال: يا ربّ، أفشيتَ سِرِّي إلى الصِّبيان، وإنما كنتُ أُعيرُ الدراهم. فرجع إلى بيته، وقدَّم ماله كلَّه بين يديه، ولبس مِدْرَعَةَ شعر، ومرَّ بأولئك الصبيان، فقالوا: اسكتُوا، قد جاء حبيب الزاهد العابد. فبكى وقال: يا ربّ، الكلُّ منك.
[وذكر ابنُ عساكر أنه كان يُعير الدراهم].
[وقرأتُ على شيخنا موفق الدِّين ﵀ من كتاب "التوَّابين" بإسناده قال (٤):] كان سببُ (٥) إقبال حبيب على الآجلة، وانتقاله عن العاجلة، حضورَه مجلس الحسن، فوقعت موعظتُه في قلبه، فخرج عمَّا كان فيه، ثقةً بالله، ومستكفيًا (٦) بضمانه، فاشترى نفسَه من الله ﷿، فتصدَّق (٧) بأربعين ألف درهم [في] أربع دَفَعات؛ تصدَّقَ بعشرة آلاف درهم في أوَّل النهار، وقال: يا ربّ، قد اشتريتُ نفسي منك بهذه. ثم أَتْبَعَها
(١) صفة الصفوة ٣/ ٣١٥ - ٣١٦. (٢) تاريخ دمشق ٤/ ١٦٩ (مصورة دار البشير). وهو في "حلية الأولياء" ٦/ ١٤٩. (٣) في "تاريخ دمشق" ٤/ ١٧٠ (مصورة دار البشير): يُعير (والخبر فيه) وسترد هذه اللفظة آخر الخبر بين حاصرتين من (ص). (٤) التوابين ص ٢١٤، وهو في "حلية الأولياء" ٦/ ١٤٩. و"المنتظم" ٧/ ١٢٧. (٥) في (ب) و (خ) و (د): وقال شيخنا موفق الدين: كان سبب … والمثبت عبارة (ص) والكلام بين حاصرتين منها. (٦) في (ص) و"التوابين": مكتفيًا. (٧) في (ب): وتصدَّق.