و [قال ابن سعد:] قدم الحسن مكة، فأجلسوه على سرير، واجتمعَ الناسُ إليه فحدَّثَهم، وكان فيمن أتاه مجاهد وعطاء وعَمرو بن شعيب، فقالوا: لم نرَ مثل هذا قطُّ.
و [روى عنه قتادة أنه] قال: لولا الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ما حدَّثْتُكم (١).
وكان يُحدِّثُ بالمعاني، فيزيد في الحديث وينقص منه، ولكن المعنى واحد.
وكان [يتوضأ ممَّا مسَّت النار، و] يغتسل للجمعة، ويتختَّم في يساره، ولا يُحفي شاربه (٢).
[قال: ووليَ الحسن قضاء البصرة بعد إياس بن معاوية، ثم استعفى، وتكاثر الناسُ عليه يومًا فقال: لابدّ لهؤلاء من وَزَعة. أي: مَن يردُّ عنهم. وقد ذكرناه فيما تقدَّم (٣).
وقال ابن سعد أيضًا عن رَوْح بن عُبادة، عن الحجَّاج بن الأسود قال: تمنّى رجل فقال: ليتني بزهد الحسن، وَوَرع ابن سيرين، وعِبادةِ عامر بن عبد قيس، وفِقْهِ ابن المسيّب. فنظروا في ذلك، فوجدوه كلّه في الحسن] (٤).
وسأله أبو سلمة بنُ عبد الرحمن فقال: هذا الذي تُفتي به الناس؛ شيءٌ سمعتَه، أم برأيك؟ فقال [الحسن]: لا واللهِ، ما كلُّ ما نُفتي به سمعناه، ولكنَّ رَأُيَنا لهم خيرٌ من رَأيهم لأنفسهم (٥).
[وقال الحسن. ذهب الناسُ والنسناس، أسمع صوتًا ولا أرى إنسيًا](٦).
(١) طبقات ابن سعد ٩/ ١٥٨. وما سلف بين حاصرتين من (ص). (٢) في "الطبقات" ٩/ ١٦١: لا يُحفي شاربَه كما يُحفي بعض الناس .. (٣) ينظر "طبقات ابن سعد" ٩/ ١٥٩ - ١٦١. (٤) المصدر السابق ٩/ ١٦٦. وكل ما سلف بين حاصرتين في هذه الفقرة من (ص). (٥) طبقات ابن سعد ٩/ ١٦٦. (٦) في "طبقات" ابن سعد ٩/ ١٢٧: أنيسًا. وهذا الكلام بين حاصرتين من (ص).