ولقَدْ ضَرَبْنا في البلادِ فلم نَجِدْ … أحدًا سواك إلى المكارمِ يُنسبُ
فاصْبِرْ لعادتنا التي عوَّدْتَنا … أو لا فأرْشِدْنا إلى مَنْ نَذْهَبُ
فأعطى كلَّ واحد ألفَ دينار.
وأنشده رجل:
ما لي أرى أبوابَهم مهجورةً … وكأنَّ بابك مَجْمَعُ الأسواقِ
جاؤوك يبغون النَّدَى وتأمَّلُوا … جَدْوَاكَ فاجتمعوا من الآفاقِ
إني رأيتُك للمكارم عاشقًا … والمكرماتُ قليلة العُشَّاقِ
فأعطاه ثلاثين ألفًا.
ومرَّ بأعرابية فقدَّمَتْ له شاةً وقالت: واللهِ لا أملكُ غيرها. فقال لخازنه: ما معك؟ قال: ثمان مئة دينار. قال: أعطها إيَّاها. فقال: إنها تقنعُ منك باليسير! فقال: إن كانت هي تقنعُ باليسير؛ فأنا لا أرْضَى لها إلا بالكثير. قال: فإنها لا تعرفُك! فقال: أنا أعرفُ نفسي. ودفعَ إليها المال (١).
وقد رثاه خلقٌ كثير، فقال ثابت قُطنة:
أَبَى طُولُ هذا الليلِ أنْ يَتَصَرَّما … وهاجَ لك الهَمُّ الفؤادَ المُتَيَّما
على هالكٍ هَدَّ العشيرةَ فَقْدُهُ … دَعَتْهُ المنايا فاستجابَ وسَلَّما
على مَلِكٍ يا صاحِ بالعَقْرِ جُبِّنَتْ … كتائبُهُ واستَوْرَدَ الموتَ مُعْلِما
أَمَسْلَمَ إنْ تَقْدِرْ عليك رِماحُنا … نُذِقْك (٢) بها سُمَّ (٣) الأساودِ مُسْلَما
وإنْ نَلْقَ للعبَّاس في الدهر عَثْرةً … نُكافِئْهُ باليوم الذي كان قَدَّمَا
قِصاصًا ولا نَعْدُو الذي كان قَدْ أتى … إلينا وإنْ كان ابنُ مروانَ أَظْلَما
من أبيات.
وقال الطِّرِمَّاح:
(١) بنحوه في المصدر السابق.
(٢) في (خ) (والكلام منها): نذوق. والمثبت من "تاريخ" الطبري، و"الكامل" ٥/ ٨٨.
(٣) في المصدرين السابقين: فيء، بدل: سُمّ.