كتابَه، فشهد جماعة أنه ضربه قبل أن يقرأ الكتاب؛ منهم: علي بن عبد الله بن العباس وكان [على أمر] زمزم (١)، وعبد الأعلي بن عبد الله بن عامر بن كُرَيز، فضربه طلحة مئة سَوط وسهَّره ثلاثَ ليالٍ، فكان خالد يقول: التَّشهير أشدُّ عليَّ من الضرْب.
ومرَّ به الفرزدق الشاعر -وكان قد هجا خالدًا لبُخْله- فقال له: اشدد -أو اضمم- إليك جناحك، قال خالد: فانتفعتُ بقوله، وفي ذلك يقول الفرزدق:[من الطويل]
لعَمري لقد صُبَّت على ظهرِ خالدٍ … شَآبيبُ ما استَهلَلْنَ من سَبَلِ القَطْرِ
أتَضرِبُ في العصيان مَن ليس عاصيًا … وتعصي أميرَ المؤمنين أخا قَسْرِ
فلولا يزيد بنُ المهلَّب حَلَّقَتْ … بكفِّك فَتْخاءٌ (٢) إلى جانب الوَكْرِ
وقال فيه أيضًا:[من الطويل]
وكيف يَؤمُّ الناسَ مَن كانت امُّه … تدينُ بأنّ الله ليس بواحدِ (٣)
وقال الهيثم: لما عزل سليمان يزيد بن أبي مُسلم كاتب الحجاج عن العراق؛ أمر أن يُحمل إليه في قيوده، فلما دخل عليه ازدراه وقال: لعن الله مَن حكمك في أمره، فقال: يا أمير المؤمنين، إنك رأيتَني والأمر عنّي مُدبر، وهو عليك مُقبل، ولو رأيتَني والأمر عليَّ مقبل لاستَعْظَمتَ ما استصغرت، فقال له سليمان: ما أظنّ الحجاج إلا إلى الآن يهوي في جهنم، وما استقر في قعرها بعد، فقال: إن الحجاج مَحَضَكم الوُدَّ، وبذل لكم الجهد، وإنه يأتي غدًا بين يدي أبيك وأخيك، فاجعله أين شئت، فصاح سليمان: أخرجوه فأخرجوه (٤).
(١) في "أنساب الأشراف" ٧/ ٤٢٢، و"تاريخ دمشق" ٩/ ٤١٩: داود بن علي بن عبد الله بن العباس، وما بين معكوفين منه. (٢) في النسخ غير (ص) فليس فيها الخبر: فتخاء عقاب، والكلمة الثانية تفسير للأولى. وانظر ديوان الفرزدق ١/ ٣٠١، و"تاريخ دمشق" ٩/ ٤٢٠ (مخطوط)، و"أنساب الأشراف" ٧/ ٣٩١، و"مروج الذهب" ٥/ ٤١١، و"العقد" ٤/ ٤٢٩. (٣) "أنساب الأشراف" ٧/ ٣٨٢، و"تاريخ دمشق" ٩/ ٤٢٠. (٤) "مروج الذهب" ٥/ ٤٠٤ - ٤٠٥، و"العقد" ٤/ ٤٢٧.