والأصحُّ أن أمَّ الحجاج بنتُ هبّارٍ الثقفي، وهي المُتَمَنِّيَة التي سمعها عمر بن الخطاب رضوان الله عليه وهي تقول:[من البسيط]
هل من سبيلٍ إلى خَمرٍ فأشرَبها (١)
[وقال الزهري:] وهي القائلة: [من الطويل]
تطاوَلَ هذا الليلُ وامتدّ (٢) جانبُه … وليسَ إلى جنبي حَبيبٌ ألاعِبُه
[وقال هشام:] وُلد الحجّاج مُشَوَّه الخَلْق، قبيحَ الضُورة، لا دُبُرَ له، فلم يَقبل ثديَ أحدٍ؛ لا ثَنيَ أُمّه ولا غيرها، فقال بعض أطبّاء العرب: اذبَحوا له جَدْيًا أسود، واذبحوا له هذه الحيَّة التي يُقال لها: أَسْوَد سالخ، فأَلْعِقوه دمَهما، ففعلوا، فكان أولَ ما دخل جَوفه الدَّمُ؛ فلهذا كان سفّاكًا للدّماء، مقدمًا على الأهوال، ثم أمرهم الطبيب فشَقُّوا دُبُرَه (٣).
[وبعض الرواة يقول: إن الذي أمرهم بذَبْح الجَدي وأَسْود سالخ الحارثُ بن كَلَدَة الطبيب طبيب العرب، وهو خطأ، الحارث مات في السنة التي مات فيها أبو بكر الصديق ﵁، وقد ذكرناه.]
ذكر طرف من أخبار الحجاج وسيرته:
[اتّفق علماء السير على أنه] كان جبّارًا، ظالمًا، غَشومًا، عَسوفًا، حاسدًا، حقودًا، سفّاكًا للدم الحرام، متجرّئًا على الله تعالى، أباد العلماء، وقتل الأشراف، وأذلَّ الصَّحابة، وختم في أيديهم وأعناقهم بالرّصاص.
[وقال الهيثم بن عَديّ:] كان الحجاج زِنديقًا، يتستَّر بالإسلام، وبقراءة القرآن، وإطعام الطعام، وكان يتفاصَح، ويَتَفَيهق في كلامه، وكان لُحَنَة.
(١) تمامه: أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج. انظر "أنساب الأشراف" ٦/ ٣٢٦. (٢) في (ص): واشتد. (٣) "مروج الذهب" ٦/ ٢٨٩ - ٢٩٠.