كطيِّ البئر، وبها قَرْنان، وإذا فيها أناس قد عرفتُهم، فجعلتُ أستعيذُ بالله من النار، فلقيَهما ملك آخر، فقال لي: لن تُرَعْ. فقَصَصْتُها على حفصة، فقَصَّتْها على رسول الله ﷺ، فقال:"نِعْمَ الرجلُ عبدُ الله لو كان يصلِّي من الليل".
قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلًا. أخرجاه في "الصحيحين"(١).
وفي "الصحيحين" أيضًا عن نافع] (٢) قال عبد الله بن عمر ﵄: رأيتُ في المنام كأنَّ بيدي قطعةَ إستبرق، ولا أُشير بها إلى مكان من الجنة إلا طارَتْ بي إليه، فقصَّتْها حفصة على رسول الله ﷺ فقال:"إن أخاك -أو إن عبد الله- رجل صالح".
[وقال (أبو نُعيم)(٣) بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه قال: اجتمع في الحِجْر مصعب، وعروة، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عُمر، فقالوا: تَمنَّوْا. فقال عبد الله بنُ الزبير: أمَّا أنا فأتمنَّى الخلافة. وقال عروة: أمَّا أنا فأتمنّى أن يُؤخذ عني العلم. وقال مصعب: أمَّا أنا فأتمنّى إمرة العراق، والجمعَ بين عائشة بنت طلحة وسُكينة بنت الحسين. وقال عبد الله: وأنا أتمنَّى المغفرة. قال: فنالُوا ما تَمنَّوْا، ولعلَّ ابن عمر قد غُفر له. وقال الزُّهري: وكان ابن عمر -واللهِ- أعقلَهم".
وروى أبو نُعيم أيضًا عن نافع قال (٤): دخل ابن عمر الكعبة، فسمعتُه وهو ساجد يقول: اللهمَّ إنك تعلمُ أنْ ما يمنعُني من مزاحمة قريش على هذه الدنيا إلا خوفُك.
[وقال ابن سعد: سُئل ابنُ عمر عمَّا لا يعلم، فقال: لا أعلم](٥).
(١) صحيح البخاري (١١٢١)، وصحيح مسلم (٢٤٧٩). (٢) صحيح البخاري (١١٥٦)، وصحيح مسلم (٢٤٧٨). وأخرجه أيضًا ابن سعد ٤/ ١٣٧. ومن قوله: قال البخاري حدثني محمود … إلى هذا الوضع (وهو بين حاصرتين) من (ص) و (م). (٣) لفظ: (أبو نُعيم) بين قوسين عاديَّين من عندي للإيضاح، ولأن الكلام ليس معطوفًا على ما قبله، ولقوله في الخبر بعده: وروى أبو نُعيم أيضًا … والخبر في "حلية الأولياء" ١/ ٣٠٩، وهو من (م) و (ص). (٤) حلية الأولياء ١/ ٢٩٢. (٥) طبقات ابن سعد ٤/ ١٣٤، والكلام بين حاصرتين من (ص) و (م).