إنما أنت من حُثالة أصحاب محمَّد ﷺ(١). فقال: أوَ كانَ فيهم حُثالة؟! لا أمَّ لك، بل كانوا أهل بيوتات وشرف، أشهدُ لقد سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول:"ما من والٍ بات ليلةً غاشًّا لرعيَّته إلا حرَّم اللهُ عليه الجنَّة".
قال: ومرض عبد الله بن مُغَفَّل، فأتاه ابنُ زياد عائدًا، فقال له: اعهد إلينا شيئًا نفعلْ فيه الذي تحبُّ. قال: أفاعلٌ أنتَ ذلك؟ قال: نعم. قال: فإنِّي أسألُك أن لا تُصلِّيَ عليَّ، ولا تَقُمْ على قبري، وأن تُخَلِّيَ بيني وبين أصحابي يتولَّوْنَ أمري. وقد ذكرناه. فما شيَّعه ولا صلَّى عليه.
وقال ابنُ عساكر أيضًا: وُلد ابنُ زياد سنة تسع وثلاثين، وكان لمَّا قُتل الحسين ابنَ ثمان وعشرين سنة (٢)، فقد كان يوم قُتل ابنَ ثلاث وثلاثين.
قال: وقال البخاريّ: وأمُّه مَرْجانة (٣)، سبيَّةٌ من أهل أصبهان.
قال": وهو أوَّلُ من ضربَ الدراهم الزُّيُوف، وجهرَ بالمعوِّذَتَين (٤).
وقال المدائني: كان ابنُ زياد يقول حبَّذا الإمارة؛ لولا قعقعةُ لجام البريد والتشزُّن (٥) للخطب (٦).
قال: وقام رجل ضرير في جامع البصرة فقال: تصدَّقوا على من لا قائد له فيُؤَدِّيه (٧)، ولا بصرَ له فيهديه. فأشار الحسنُ إلى دار ابنِ زياد وقال: ما كان له قائدٌ يقودُه إلى خير، ولا بصر فيبصر به ما ينفعه فيؤدّيه (٨).
(١) من قوله: فقال: وهل كانت فيهم نخالة في الحديث قبله إلى هذا الموضع، ليس في (ب) و (خ). (٢) هاتان روايتان في "تاريخ" ابن عساكر ٤٤/ ٢١٢، جمع بينهما المختصر هنا، ولا تناسبَ بينهما، فعلى قول من قال: وُلد سنة تسع وثلاثين لا يكون له ثمان وعشرون سنة لمَّا قُتل الحسين سنة (٦١). وقد ذكر الذهبي في "سير أعلام النبلاء" ٣/ ٥٤٥ ما يفيد أنَّه ولد سنة ثلاث وثلاثين. (٣) هو في "تاريخ دمشق" ٤٤/ ٢١٣ عن ابن معين، ولم أقف عليه عند البخاري. (٤) المصدر السابق ٤٤/ ٢٢٥. (٥) في (م): والتشرُّف. (٦) أنساب الأشراف ٤/ ٤١٩. (٧) الخبر في المصدر السابق، وفيه: يقوده. (٨) قوله: فيؤديه، ليس في (م)، وقوله: ما ينفعه فيؤديه، ليس في (ص).