وقال إبراهيم التَّيمي: أخبرَني من صحبَ الرَّبيع عشرين عامًا، فما سمعَ منه كلمة تُعاب.
وقيل له: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحنا مذنبين، نأكلُ أرزاقَنا وننتظر آجالنا.
وكان الربيع يتهجد في الليل، فمرت به هذه الآية: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾ [الجاثية: ٢١]، فلم يزل يُردِّدُها حتى أصبح.
وكان يُعجبه السُّكّر يأكلُه، فإذا جاءه السائلُ يناولُه منه، فقيل له: ما يصنعُ بالسكر؟ فيقول: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ [الإنسان: ٨].
وكان يبكي حتى يبلَّ لحيته بالدموع ويقول: أدركنا قومًا نحن في جانبهم لصوص (١).
وقال له عَزْرة (٢): أوص لي بمصحفك. فنظر إلى ابنه وقال: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٧٥].
وأصابه الفالج، فقيل له: لو تداويتَ. فقال: قد مضت عادٌ وثمودُ وأصحابُ الرَّسّ وقرونٌ بين ذلك كثيرًا، كانت فيهم الأوجاع، وكان فيهم الواصف والموصوف له، فما بقي أحدٌ منهم (٣).
وقالت سُرِّيَّةُ الربيع: كان عملُه كلُّه سرًّا، إنْ كان الرجل لَيَجيءُ وقد نشر المصحف، فيغطِّيه بثوبه (٤).
وما رُئي متطوّعًا في مسجد قومه إلا مرَّة واحدة (٥).
وكان يقول: التمسوا الذنوب بالتوبة على أن لا تعودوا إلى مثلها.
وكانت العصافير إذا سجد جاءت فوقعت على ظهره (٦).
(١) ينظر ما سلف في "الطبقات" ٨/ ٣٠٥ - ٣٠٩، وصفة الصفوة ٣/ ٦٠ - ٦٨. (٢) في (ب) و (خ): عروة، والمثبت من "الطبقات". (٣) المصدر السابق ٨/ ٣١١. (٤) حلية الأولياء ٢/ ١٠٧، وصفة الصفوة ٣/ ٦١، والمنتظم ٦/ ٩. (٥) صفة الصفوة ٣/ ٦١. وبنحوه في "طبقات ابن سعد" ٨/ ٣٠٧. (٦) صفة الصفوة ٣/ ٦٣.