وروى أبو أُمامة الباهليُّ عن رسول الله ﷺ أنه قال:"يا أمَّ سَلَمة، إذا تحوَّلَتْ هذه التربة دمًا؛ فاعلمي أنه قد قُتل ابني".
قال: فأخذَتْ أمُّ سَلَمة التربة، فجعلَتْها في قارورة، فلما كان يومَ قُتل الحسين ﵁ تحوَّل دمًا، فعلمت أنه قد قُتل (١).
وقال ابن سعد (٢): حدَّثنا محمد بن عُمر، حدَّثنا موسى بنُ محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سَلَمة، عن عائشة قالت: كانت لنا مَشْرَبَة (٣)، فكان رسولُ الله ﷺ إذا أراد لُقِيَّ جبريل [لَقِيَه] فيها، فلقِيَه مرّةً فيها، وأمرَ عائشةَ أن لا يصعدَ إليه أحد، فدخلَ الحسين بنُ علي، ولم تعلم حتى غَشِيَهما، فقال جبريل: مَنْ هذا؟ فقال رسول الله ﷺ:"ابني". فقال: إن أمَّتك ستقتلُه، وإن شئتَ أخبرتُك بالأرض التي يُقتل بها. فأشار جبريل إلى الطَّفّ (٤)، بالعراق، وأخذ تربة حمراء، فأراه إيَّاها، وقال: هذه [من] تربةِ مصرعِهِ (٥). فقال رسول الله ﷺ:"اشتدَّ غضبُ الله على مَنْ يسفكُ دمَه".
وقال الإمام أحمد بن حنبل ﵁(٦): حدثنا محمد بنُ عُبيد، حدثنا شُرَحْبِيلُ بنُ مُدْرِك، عن عبد الله بن نُجَيّ، عن أبيه، وكان سار مع عليّ إلى صفِّين، وكان صاحب مَطْهَرَتِه، فلما حاذَى نِينَوَى -قرية على شطّ الفرات عند كَرْبَلاء- وقف عليّ، فنادى: اصْبِرْ أبا عبد الله، اصبِرْ أبا عبد الله، ما يقال لهذه الأرض؟ فقالوا: كَرْبَلاء (٧). فبكى حتى بلَّ الأرض من دموعه ثم قال: دخلتُ على رسول الله ﷺ وهو يبكي، فقلت: ما يُبكيك يا رسول الله؟ فقال: "كان عندي جبريلُ آنِفًا، وأخبرني أنَّ الحسين ولدي يُقتلُ
(١) بنحوه في "المعجم الكبير" للطبراني (٢٨١٧). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٩/ ١٨٩: فيه عمرو بن ثابت، وهو متروك. (٢) في "الطبقات الكبرى" ٦/ ٤١٨، وما سيرد بين حاصرتين منه. (٣) المَشْرَبَة، بفتح الراء: الموضع الذي يُشرب منه، كالمَشْرَعَة. ينظر "النهاية". (٤) بفتح الطاء، وتشديد الفاء: أرض من ضاحية الكوفة. "معجم البلدان" ٤/ ٣٦. (٥) إلى هذا الموضع من رواية ابن سعد عن محمد بن عمر -وهو الواقدي- في "الطبقات" ٦/ ٤١٨. وأما تتمته بعده، فهي فيه من رواية أخرى عن عائشة ﵂. وما سلف بين حاصرتين من "الطبقات". (٦) في "المسند" (٦٤٨)، وإسناده ضعيف كما ذكر محقِّقوه. (٧) قوله: ما يقال لهذه الأرض … ليس من حديث أحمد. وورد نحوه عن ابن سعد في "الطبقات" ٦/ ٤١٩.