الزهرة، فإذا طلعت فآذنِّي أو فأيقظني قال: فلما طلعت أيقظته، فجعل ينظر إليها ويسبُّها سبًّا شديدًا، فقلت: رحمك الله، أتسبُّ نجمًا سامعًا لله مطيعًا؟! فقال: إنَّ هذه كانت بغيًا فلقي الملكان منها ما لقيا (١).
قال نافع: وكان ابن عمر إذا رأى الزهرة قال: لا مرحبًا ولا أهلًا (٢).
وروى أبو عثمان النَّهدي عن ابن عباس بنحو ما روى مجاهد عن ابن عمر.
وقال الثعلبي: وأنكر الآخرون هذا القول وقالوا: إنَّ الزهرة من الكواكب السبعة السَّيارة التي جعلها الله قوامًا للعالم وأقسم بها فقال: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ﴾ [التكوير: ١٥، ١٦] وإنما كانت هذه التي فتنت هاروت وماروت امرأة تسمى الزهرة من جمالها، فلما بغت جعلها الله شهابًا، فلما رأى رسول الله ﷺ الزهرة، ذكر هذه المرأة لموافقة الاسمين فلعنها، وكذا سهيل العشَّار كان رجلًا عشّارًا باليمن، فلما رأى رسول الله ﷺ النجم ذكره فلعنه. يدل عليه ما روى قيس بن عُباد عن ابن عباس (٣) قال: كانت الزهرة امرأة فُضِّلَتْ بالحسن على الناس كما فضلت الزهرة على سائر الكواكب (٤). ومثله قال كعب الأحبار وغيره، والله أعلم.
قلت: هذا صورة ما ذكره أبو إسحاق، ولم يبيّن ما في الأحاديث من المقال، وما رواه عن النَّبي ﷺ في الزهرة وسهيل لا يصح، وكذا ما روي عن ابن عمر. والدليل عليه أن جدي ﵀ ذكر هذه الأخبار في "الموضوعات":
أنبأنا جدي ﵀ قال أنبأنا أبو منصور القزَّاز بإسناده عن معاوية بن صالح عن نافع قال: سافرت مع ابن عمر فلما كان آخر اللَّيل قال: يا نافع طلعت الحمراء؟ فقلت: لا، فلمَّا طلعت أخبرته، فقال: لا مرحبًا ولا سهلًا. قلت: سبحان الله، نجم سامع مطيع تقول له هذا؟! فقال: ما قلت إلّا ما سمعته من رسول الله ﷺ، أو قال: قال رسول الله: ﷺ إنَّ الملائكة قالت: "يا ربِّ كيفَ صبرُك على بني آدمَ في الخطايا
(١) "عرائس المجالس" ص ٥٣. (٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٤٥٨. (٣) في (ب): قيس بن عبادة عن أنس وابن عباس. (٤) "عرائس المجالس" ص ٥٣.