فأضعفَ عبدُ الله -إذ غاب- حظَّهُ … على حظِّ لهفانٍ من الحرصِ فاغرِ
فأُبْتُ وقد أَيقَنْتُ أَنْ ليس نافعي … ولا ضائري شيءٌ خلافَ المقادرِ (١)
وقال مَغْراءُ (٢) الضَّبِّي: لما قدم ابنُ عامر الشامَ؛ جاءه مَنْ فيه من الصحابة إلا أبا الدَّرْداء، فإنه لم يأتِه، فجاءه ابنُ عامر، فعاتبَه على تأخُّره عنه، فقال له أبوالدرداء: ما كنتَ أصغرَ في عيني منك اليومَ! قال: ولِمَ؟ قال: لأنَّ رسولَ الله ﷺ أمَرَنا أن نتغيَّر عليكم إذا تغيَّرْتُم.
ذكر وفاته:
توفي بالمدينة، وقيل: بالشام، وقيل: بمكة.
وتوفي سنة سبع -وقيل: ثمان، وقيل: تسع- وخمسين قبل معاوية بسنة (٣). فقال معاوية: يرحم الله أبا عبد الرحمن، بمن نفاخرُ، وبمن نباهي (٤)؟
قال ميمون بن مهران: بعثَ عبدُ الله بنُ عامر حين حضرَتْه الوفاة إلى مشيخة أهل المدينة، فحضروا وفيهم عبدُ الله بنُ عمر ﵁، فقال لهم: أخْبِرُوني: كيف كانت سيرتي، وما حالي؟ فقالوا: ما نشكُّ لك في النجاة، قد كنتَ تَقْرِي الضيفَ، وتفكُّ العاني، وتتصدَّق، وتصلُ رحمك، وتُعتق. فنظر إليه ابنُ عمر وقال (٥): إذا طابت المَكْسَبَة (٦) زَكَت النفقة، وستردُ فتعلم.
وقد أخرج مسلم بمعناه (٧)، فقال عن ابن عمر: إنه دخلَ على ابن عامر يعودُه في مرضه، فقال له: ألا تَدْعُو لي؟ فقال: سمعتُ رسولَ الله ﷺ يقول: "لا يقبلُ اللهُ صلاةً بغير طُهُور، ولا صَدَقَةً من غُلُول".
(١) الخبر بنحوه في "نشوار المحاضرة" ٥/ ٢٦٥ - ٢٦٦، و"تاريخ دمشق" ٩/ ٤٦٧ - ٤٦٨، ولم أقف عليه عند ابن أبي الدنيا. (٢) في النسخ (ب) و (خ) و (م): معن. والمثبت من "تاريخ دمشق" ٩/ ٤٦٨، والخبر فيه، وقد نُسب في (م) إليه. (٣) طبقات ابن سعد ٧/ ٥٣، وتاريخ دمشق ٩/ ٤٦٩. (٤) طبقات ابن سعد ٧/ ٥٣. (٥) في "تاريخ دمشق" ٩/ ٤٦٩: وابن عمر ساكت، فقال: يا أبا عبد الرحمن، ما يمنعك أن تتكلم؟ قال: قد تكلّم القوم. قال: عزمتُ عليك لَتكَلَّمنَّ. فقال ابن عمر. . . . ولم يرد الخبر في (م). (٦) تحرفت في (خ) إلى: المسكنة. (٧) صحيح مسلم (٢٢٤). وقد ورد هذا الخبر في (م) ولم يرد الخبر الذي قبله فيها، وهذا إخلال من المختصِر، فالخبران متعلقان ببعضهما، حيث قال: وقد أخرج مسلم بمعناه. . . . ولم يذكر الذي قبله.