عَذَابَ السَّمُومِ﴾ [الطور: ٢٧]. وتدعو وتبكي وتردِّدُها، فقمتُ حتى مللتُ القيام، فذهبتُ إلى السوق [لحاجتي] ثم رجعت، وإذا هي قائمة [كما هي] تصلي وتبكى.
و [قال ابن سعد بإسناده أن عائشة] قالت: واللهِ لوَدِدْتُ أني شجرة، واللهِ لَوَدِدْتُ أني كنتُ مَدَرَة، واللهِ لَوَدِدْتُ أني لم يكن خلقني شيئًا قطّ (١).
[وفي رواية ابن سعد بإسناده عن عيسى بن دينار قال: سألت أبا جعفر عن عائشة، فقال: استغفر لها! أما علمتَ ما كانت تقول؟ يا ليتني كنتُ شجرة. وذكره. قلت: وما ذاك منها؟ قال: توبة (٢)].
وقال البلاذُري: إن رجلًا كان في دار عائشة، وكان يلعبُ بالنَّرْد، فأرسلَتْ إليه: إنْ أخرجتَ النَّرْدَ من داري (٣)، وإلا أخرجتُك.
وقال إسحاق الأعمى: دخلتُ على عائشة، فاحتجبَتْ منِّي، فقلت: تحتجبين منّي ولستُ أراكِ! قالت: إن لم تكن تراني، فإنِّي أراك.
وكانت إذا قرأَتْ: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ الآية [الأحزاب: ٣٣]، تبكي حتى تَبُلَّ خمارها (٤).
ذكر طرف من مواعظها:
كتَبَتْ إلى معاوية (٥): أما بعد، فإنَّ العبد إذا عَمِلَ بمعصية الله، عادَ حامدُه من الناس ذامًّا.
وقالت: إنكم لَنْ تلْقَوُا اللهَ بشيءٍ خيرٍ لكم من قلَّةِ الذُّنوب، فمن سرَّه أن يسبق الدائب المجتهد؛ فليكفَّ نفسَه عن الذنوب (٦).
[وقال هشام بن عروة، عن أبيه قال:] وكانت تقول: إياكم أنْ تعصُوا اللهَ بنعمه.
(١) طبقات ابن سعد ١٠/ ٧٣، ووقع في (م) الفقرة الأخيرة. (٢) المصدر السابق. وما بين حاصرتين من (م). (٣) في "أنساب الأشراف" ١/ ٥٠٣ - ٥٠٤: من منزلك. (٤) الخبران الأخيران في "طبقات" ابن سعد ١٠/ ٦٨ - ٦٩ و ٧٩. (٥) في (م): قال عبد الله بإسناده عن عامر قال: كتبت عائشة إلى معاوية. . . والخبر في "صفة الصفوة" ٢/ ٣٢. (٦) المصدر السابق، ونُسب الكلام في (م) إليه.