وقال أحمد بن حنبل: حدثنا هاشم بن القاسم بإسناده عن معاوية بن أبي سفيان قال: رأَيتُ رسولَ الله ﷺ يَمَصُّ لِسانَ الحسنِ بنِ عليّ وشَفَتَيه (١).
وقال ابن سعد بإسناده عن أبي موسى قال: سمعتُ الحسنَ قال: حدَّثنا أبو بَكْرَة قال: لقد رأيتُ رسولَ الله ﷺ على المِنْبر وهو يُقْبِلُ على الناس مرَّةً وعلى الحسن أُخرى ويقول: "إن ابني هذا سيّدٌ، وعسى الله أن يُصْلِحَ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"(٢). وقد ذكرنا هذا الحديثَ في صُلح الحسن لمعاوية.
وروى ابنُ سعد عن زيد بن أرقم، أن النبيَّ ﷺ كان يخطبُ، فخرج الحسنُ وعليه بُرْدَةٌ، فعثر فسقط، فنزل رسولُ الله ﷺ من المنبر، فحمله، ووضعه في حِجْرِهِ وقال:"إنَّ الولدَ لفِتْنَةٌ"(٣).
ذِكْرُ بعضِ سيرته:
ذكره الموفق ﵀ في "الأنساب"(٤) وقال: كان الحسنُ سيِّدًا حليمًا، وَرِعًا عاقلًا، فاضلًا عفيفًا، دعاه وَرَعُه إلى أن تركَ المُلْك في الدنيا رغبةً فيما عند الله وقال: واللهِ ما أحببتُ منذ علمتُ ما يضرُّني وينفعني أن ألِيَ أَمرَ أُمةِ محمد ﷺ على أن يُهراقَ في ذلك مِحْجَمةُ دم.
قال: وكان من أجودِ الناسِ كفًّا، وأسخاهم نَفْسًا، وأحسنِهم كلامًا، وأكثرِهم صوابًا.
قال: وقال عمير بن إسحاق: ما سمعتُ من الحسنِ كلمةَ فُحْشٍ سوى مرَّةٍ واحدة؛ قال لرجلٍ كانت بينه وبين الحسين خُصومةٌ: ليس لك عندنا إلَّا ما أَرغمَ أَنفك. فهذه أَشدُّ كلمة سمعتُها منه.
(١) مسند أحمد (١٦٨٤٨) - وأخرجه من طريقه ابن عساكر ٦/ ٥١٣ - وفيه: يَمَصُّ لسانه، أو قال: شفته … وإنه لن يعذَّب لسان، أو شفتان، مصَّهما رسول الله ﷺ. (٢) طبقات ابن سعد ٦/ ٣٦١، وهو في "صحيح" البخاري (٣٦٢٩). أبو موسى: هو إسرائيل بن موسى، والحسن الراوي عن أبي بكرة: هو البصري. (٣) طبقات ابن سعد ٦/ ٣٧٣ ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" ٤/ ٥١١. (٤) ص ١٢٦، واسم الكتاب بتمامه: التبيين في أنساب القرشيين.