وقال ابن سعد بإسناده إلى معاذ بن عبد الله التيمي (١)، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه عبد الله قال: أمرني رسولُ الله ﷺ أن أقرأ القُرآن ليلةً، والتوراةَ ليلةً.
فإن قيل: فقد كان رسولُ الله صلى الله عليه ينهى عن قراءة التوراة، وقال لعمر:"أَمِطْها أَمِطْها عنك" الحديث.
فالجواب: إنما نَهَى عن قراءة التوراة التي بدَّلَها اليهودُ وغيَّروها، أما التوراةُ الصحيحة التي فيها أَوصافُ رسولِ الله ﷺ، فلا، ولهذا أَمره بقراءتها لئلا ينساها، فيُحاجَّ اليهودَ بها، ألا ترى أنَّ الحالفَ لو حلفَ بالتوراةِ التي أُنزلت على موسى ﵇ فحنث، فإنَّه يلزمُه الكَفَّارةُ؟!
حديث رؤيا ابن سَلام:
قال أحمد (٢): حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن قيس بن عُباد قال: كُنت جالسًا في مسجدِ رسول الله ﷺ، فجاء رجل في وجهه أَثرٌ من خُشوع، فقال القوم: هذا رجلٌ من أَهلِ الجنَّة. قال: فصلَّى ركعتين تجوَّز فيهما -أو: فأوجز فيهما- ثم خرج، فاتَّبعته، فدخل منزله ودخلتُ معه، فتحدَّثْنا، فلما استأنس قلتُ: إنك لَمّا دخلْتَ قبلُ المسجدَ قال القومُ: إِنك من أهلِ الجنة. فقال: سبحان الله! ما ينبغي لأَحدٍ أن يقولَ ما لا يعلم. وسأُحدِّثُكم لِمَ ذاك.
إني رأيتُ رؤيا على عهدِ رسولِ الله ﷺ فقصصتُها عليه؛ رأيتُ كأني في روضةٍ
خضراءَ -قال ابن عون: فذكر من خُضْرَتها وسَعَتها وعُشْبِها (٣) - ووسطَ الروضة عمودٌ
من حديد، أسفله في الأرض، وأعلاه في السماءِ، في أعلاه عروةٌ، فقيل لي: اصعد
عليه وارْقَه، فقلتُ: لا أستطيع. قال: فجاءني مِنْصَفٌ - قال ابن عون: والمِنْصَفُ: الخادم- فرفع ثيابي -أو قال: بثيابي من خلفي؛ وصف أنه رفعه بيده من خلفه- وقال:
(١) كذا في "الطبقات" ٥/ ٣٨٣. وأخرجه ابن عساكر ٩/ ٣٩٨ (مصورة دار البشير) من طريقه: وفيه: معاذ بن عبد الرحمن التيمي. (٢) في "المسند" (٢٣٧٨٧). (٣) قوله: وعشبها، ليس في "المسند".