بأُمورِ المسلمين؟ مَنْ لي بنسائهم؟ مَنْ لي بضَعيفهم (١)؛ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس: سَمُرةَ وعبد الله بن عامر، وقال: اذهبا إِلى هذا الرجل فاعرِضا عليه، وقولا له، واطلبا إِليه. فأَتَياه وكلَّماه، فقال الحسنُ: إنَّا بنو عبد المطلب قد أصَبْنا من هذا المال، وإنَّ هذه الأُمَّةَ قد عاثت في دمائها. قالا: فإِنه يعرِضُ عليكَ كذا وكذا، ويطلب منك -أو: إليك- ويسألك، قال: فمَنْ لي بهذا الأمر؟ فقالا: نحنُ لك به، فما سألهما شيئًا إلا قالا: نحن لك به. فصالحه (٢). قال الحسن البصريّ: ولقد سمعتُ أَبا بكرةَ يقول: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه على المنبر والحسنُ بن علي إِلى جانبه وهو يُقبِلُ على الناسِ بوَجْههِ مرَّةً وعلى الحسنِ أُخرى ويقول: "إنَّ ابني هذا سيِّد وسيُصلح الله به -أَو: لعلَّ الله أن يُصلح به- بين فئتين عظيمتين من المسلمين". انفرد بإخراجه البخاري.
قلتُ: وقد أَخرج أحمدُ في "المسندِ" معناه (٣)؛ قال: حدثنا هاشم بإِسناده إِلى أبي بَكْرة (٤) قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه يُصلّي [بالناس]، وكان الحسنُ بن عليّ يثبُ على ظهرهِ إذا سجد، ففعل ذلك غير مرَّة، فقالوا: واللهِ إنك تفعلُ (٥) بهذا أَشياءَ ما رأَيناكَ تفعلها بأحد! فقال: "إن ابني هذا سيِّدٌ، وسيُصلحُ اللهُ به بين فئتينِ عظيمتينِ من المسلمين".
قال الحسنُ البصريّ: فواللهِ بعد أَن وَلِيَ لم يُهْرَقْ في خلافته مِلْءُ مِحْجَمةِ دم (٦).
وقال أحمد بإِسناده عن سفينة -وأَخرجه في "الفضائل" أيضًا عن سفينة (٧) - قال: قال رسولُ الله ﷺ: "الخلافة بعدي ثلاثون (٨)، ثم تصير مُلْكًا بعد ذلك".
(١) في "صحيح" البخاري (٢٧٥٤): بضيعتهم. (٢) من قوله: بإسناده إلى الحسن البصري. إلى هذا الموضع، ليس في (م). (٣) مسند أحمد (٢٠٤٤٨)، وما سيرد بين حاصرتين منه. (٤) من قوله: انفرد بإخراجه البخاري. إلى هذا الموضع؛ وقع بدله في (م): وروي عن أبي بكرة. (٥) في (م): لتفعل. (٦) المِحْجَمة: القارورة التي يُجمع فيها دم الحجامة. ولم ترد كلمة "ملء" في (م). (٧) مسند أحمد (٢١٩١٩)، وفضائل الصحابة (٧٨٩) و (١٠٢٧). (٨) في "المسند": ثلاثون عامًا.