قال أبو عبيدة: معناه: لا تجعلوا نطفكم إلا في محل طاهر، ولا خلاف في كراهية ابن العاهر، وقال أبو سليمان: معنى "العرق دساس" لئلا يدب الزنا في عروقه، قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ فقضى بفساد الأصل على فساد الفرع.
قوله ﵇:"لا يَنبغي للمؤمن أن يذل نفسه"(١) غريب، ومعناه أنه لا يتعرض لما يعجز عنه فيكون له سببًا لهوانه، قال الشاعر:[من الطويل]
وأكرمُ نفسي إنَّني إن أَهنتُها … وحقَّك لا تُكرم على أحدٍ بعدي
ولهذا البيت حكاية نذكرها فيما بعد.
قوله:"استَغنُوا عن الناسِ ولو بشَوصِ السَّواكِ"(٢).
أصل الشوصِ الغسل وكذا المَوْصُ، قالت عائشة: كان رسول الله ﷺ يشوصُ فاه بالسّواكِ (٣). وشوصُ السواك الشظية التي تكون بين الأسنان لا ينتفع بها، أشار ﷺ إلى القناعة باليسير.
قوله ﵇:"الْتَمِسوا الجارَ قبلَ الدار"(٤) غريب.
وفيه حث على مجاورة الجار الحسن، والهرب من الجار السوء.
قوله ﵇:"لا يحلُّ لمسلم أن يَهجُرَ أَخاه فوقَ ثلاثةِ أيامٍ، إلاَّ أن يكون مِمَّن لا تؤمَنُ بوائقُه".
أخرجه جدي في "الواهية"، وقال أحمد بن حنبل: لا يصح هذا الحديث عن رسول الله ﷺ وهو كذب (٥).
قلت: وكيف يكون هذا الحديث كذبًا وقد أَخْرَجا في "الصحيحين" عن أنس،
(١) أخرجه الترمذي (٢٢٥٤)، وابن ماجه (٤٠١٦) من حديث حذيفة ﵁. (٢) أخرجه الطبراني في "الكبير" (١٢٢٥٧)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٦٨٧) من حديث ابن عباس ﵄. (٣) لم نقف عليه بهذا اللفظ من حديث عائشة، وأخرجه بهذا اللفظ البخاري (٢٤٥)، ومسلم (٢٥٥) من حديث حذيفة ﵁. (٤) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٤٣٧٩)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٧٠٩). (٥) العلل المتناهية" (١٢٥٢)، وأما كلام الإمام أحمد فإنكاره على قوله: إلا أن يكون ممن لا تؤمن بوائقه" انظر "البدر المنير" ٩/ ٤٧٢.