مرحولة مزمومة، فنعم الحاكم الله، والموعد القيامة ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ٦٧] ثم جاءت إلى قبر رسول الله ﷺ فبكت عنده طويلًا، ثم قالت هذه الأبيات:[من البسيط]
قد كان بعدَك أنباءٌ وهَنْبَثَةٌ … لو كنتَ شاهدهَا لم تعظمِ النُّوبُ
إنا فقدْنَاك فقد الأرض وابِلَها … واغتيلَ أهلُكَ لما اغتالَك التُّرَبُ
وقد رُزئنا بما لم يُرزه أحدٌ … من البريَّة لا عجمٌ ولا عربُ (١)
قال [ابن إسحاق: حدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة عن عائشة قالت:] أرسلت فاطمة إلى أبي بكر تسأله ميراثها من أبيها، فقال: إن رسول الله ﷺ قال: "لا نُورثُ ما تَرَكنا صَدَقةٌ" فإن اتهمتِني فسلي المسلمين يخبرونك ذلك.
قال: وقد كان أزواج النبي ﷺ بعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن من رسول الله ﷺ فكنت أنا الذي رددتهن عن ذلك، أرسلت إليهن وقلت لهن: أما سمعتن رسول الله ﷺ يقول: "لا نُورثُ ما تَرَكنا صَدَقةٌ" فنزعن عن ذلك (٢).
[قال ابن إسحاق: ثم أقامت فاطمة على ذلك تطلب حقها من أبي بكر حتى قبضت بعد ستة أشهر.
وقال ابن إسحاق: فحدثني القاسم بن حكيم قال: سمعت] علي بن الحسين يقول: جاءت فاطمة بنت رسول الله ﷺ إلى أبي بكر وهو على المنبر، فقالت: يا أبا بكر أفي كتاب الله أن ترثك ابنتك ولا أرث أبي؟ فاستعبر أبو بكر باكيًا، ثم قال: بآبائي أبوك وبآبائي أنت، ثم نزل، فكتب لها بفدك، ودخل عليه عمر، فقال: ما هذا؟ فقال: كتاب كتبته لفاطمة ميراثها من أبيها، قال: فماذا تنفق على المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترى؟ ثم أخذ عمر الكتاب، فشقه.
* * *
(١) انظر التذكرة الحمدونية (٦٢٨). (٢) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (٣٧١٧) (٣٧١٨)، وأخرجه البخاري (٣٠٩٢)، ومسلم (١٧٥٨) من طريق إبراهيم بن سعد، عن صالح، به. قوله: عن الزهري؛ ليس في النسخ، استدركناه من المصادر.