في أقل حي من قريش، والله إن شئت لأملأنَّها عليهم خيلًا ورجلًا، فقال له علي ﵁: طال ما عاديت الإسلام وأهله فلم يضره ذلك شيئًا، ولقد رُمْتَ هذا في حياة رسول الله ﷺ فلم يتم لك ذلك، وأتم الله نوره (١).
وقال عمر بن عبد العزيز ﵁ توفي رسول الله ﷺ وأبو سفيان عامله على نجران ولم يكن بالمدينة (٢).
وقال صاحب "العقد": توفي رسول الله ﷺ وأبو سفيان في مسعاة، أخرجه فيها رسول الله ﷺ، فلما انصرف لقي رجلًا في طريقه مقبلًا من المدينة، فقال له: ما الخبر، أمات محمد؟ قال: نعم، قال: فمن قام بعده بالأمر؟ قال: أبو بكر، قال: فما فعل المستضعفان علي والعباس؟ قال: جالسان في بيت فاطمة، فقال: أما والله إن بقيت لهما لأرفعن من أعقابهما، ثم قال: إني لأرى غيرة لا يُطفئها إلا دم، فلما قدم المدينة جعل يطوف أسواقها وأزقتها، ويقول:[من الطويل]
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم … ولا سيما تيم بن مرة أو عدي
فما الأمر إلا فيكم وإليكم … وليس لها إلا أبو حسن علي
وبلغ عمر قوله فقال لأبي بكر: إن هذا قد قدم وهو فاعل شرًا، وقد كان رسول الله ﷺ يستألفه (٣) على الإسلام، فدع له ما بيده من الصدقة، ففعل، فرضي أبو سفيان، وبايعه.
وذكر صاحب "العقد" أن عليًا والعباس والزبير قعدوا في بيت فاطمة ﵍، فبعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ﵄ ليخرجهم من بيت فاطمة، وقال: إن أبوا قاتلهم، فأقبل عمر وفي يده قبس من نار ليضرم عليهم البيت، فخرجت إليه فاطمة، وقالت:
(١) تاريخ الطبري ٣/ ٢٠٩، وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (٩٧٦٧)، والحاكم في "مستدركه" ٣/ ٨٣ عن أبي الشعثاء الكندي، عن مرة الطيب قال: جاء أبو سفيان بن حرب إلى علي بن أبي طالب فقال: ما بال هذا الأمر في أقل قريش قلة، وأذلها ذلة - يعني أبا بكر - والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلًا ورجالًا، فقال علي: لطال ما عاديت الإسلام وأهله يا أبا سفيان فلم يضره شيئًا، إنا وجدنا أبا بكر لها أهلًا. (٢) "تاريخ دمشق" ٢٣/ ٤٦٠. (٣) في (أ) و (خ): يبايعه، والمثبت من العقد ٤/ ٢٥٧.