أبا سفيان ولو رميته لأصبتُه، فرجعت فأخبرت النبي ﷺ، فلما فرغتُ قُرِرْتُ فألبسني فَضلَ عباءة كانت عليه، فلم أزل نائمًا حتى أصبحت، فقال:"قم يا نَوْمانُ" وفيه: فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمّام (١). معناه: من شدة الخوفِ، يشير إلى حرارة الفَزَع.
وللبخاري، عن سليمان بن صُرَد قال: قال رسول الله ﷺ حين أُجْليَ الأحزابُ عنه -: "الآنَ نَغزُوهُم ولا يَغزُونَنَا، نحنُ نسِيرُ إلَيهم"(٢) أي: نغزوهم في ديارهم. فغزاهم عام الفتح.
وقال الواقدي: دعا رسول الله ﷺ في مسجد الأحزاب يوم الإثنين والثلاثاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الظهر والعصر. قال جابر: فعرفنا البِشْرَ في وجهه (٣). وكان من دعائه:"اللهمَّ مُنْزِلَ الكتاب سريعَ الحساب، اهزم الأحزاب" وفي رواية: "ومجري السحاب اهزمهم وزلزلهم". أخرجاه في "الصحيحين"(٤).
قوله: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ أي: من فوق الوادي من قِبل المشرق، عليهم مالك ابن عوف النَّصْري، وعيينةُ بن حِصْن، وطُليحةُ بن خويلد الأسدي، وحُييُّ بن أخطب في بني قريظة، ﴿وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ يعني: من بطن الوادي من قِبَل المغرب: أبو سفيان بن حرب في قريش ومن تبعه من الأحابيش، وأبو الأعور عمرو بن سفيان من قبل الخندق، ولم يقتل من المسلمين في غزاة الخندق سوى ستة نفر من الأنصار:
منهم: عبد الله بن سهل بن زيد الخزرجي من الطبقة الأولى، وأمه: الصَّعْبة بنت التيِّهان بن مالك، شهد عبد الله بدرًا وَأحدًا، ورماه رجل من بني عوف بسهم في الخندق فقتله.
ومنهم: كعب بن زيد بن قيس، من الطبقة الأولى من الأنصار، وأمه: ليلى بنت عبد الله الأنصارية، شهد بدرًا، وأحدًا، وبئر معونة، وارتُثَّ في ذلك اليوم، واستُشْهِدَ بالخندق، قتله ضِرار الفِهْري، وليس له عَقِبٌ.
(١) مسلم (١٧٨٨). (٢) البخاري (٤١١٠). (٣) "المغازي" ٢/ ٤٨٨. (٤) البخاري (٤١١٥)، ومسلم (١٧٤٢) من حديث عبد الله بن أبي أوفى.