قالت أم الفضل: قلت: يا رسولَ الله، رأيتُ في منامي كأن في حِجْري عضوًا من أعضائك، قال:"تَلِدُ فاطمةُ إنْ شَاءَ اللهُ غُلامًا فَتَكفلينَهُ"، فولدت حسينًا، فدفعته إليها، فأرضعته بلبن قُثَمٍ. قالت: فأتيت به النبي ﷺ أَزورُه، فأخذه فوضعه في حِجْره، فبال فأصاب إزاره، فقلت بيدي بين كتفيه، فقال:"أَوجَعْتِ ابْني أَصلَحَكِ اللهُ". فقلتُ: أَعطِني إزارك أغسِلْه، فقال:"إنَّما يُغسَلُ بَولُ الجارِيَة ويُصبُّ على بَولِ الغُلامِ". ثم دعا بماء فحدره عليه حَدْرًا (١).
وفيها: تزوج رسول الله ﷺ أم سلمة ﵂(٢)، واسمها هند بنت أبي أمية، ودخل بها في شوال، ولما انقضت عِدَّتُها، بعث إليها رسولُ الله ﷺ فقالت: مرحبًا برسول الله ﷺ وبرسوله، أَخْبر رسول الله ﷺ أَني امرأةٌ غَيْرى وأَني مُصْبِيَةٌ، وأَنه ليس أحدٌ من أوليائي شاهدًا، فبعث إليها رسول الله ﷺ:"أما قولك: إنك مُصْبِية، فإن الله سيكفيك صبيانك، وأما قولك: إني غيرى، فسأدعو الله أن يذهب غَيْرتك، وأما الأولياء، فليس منهم أحد شاهد أو غائب إلا سيرضى بي" فقال (٣): يا عمر، قم فزوِّج رسول الله ﷺ، فزوَّجه. ثم قال رسول الله ﷺ:"أَمَا إنِّي لم أَنقُصكِ عمَّا أَعطَيتُ فُلانةً" - وكان قد أعطى فلانة، جَرَّتينِ تضعُ فيهما حاجتها، ورَحًى، ووِسادةَّ مَن أَدَمٍ حشوها لِيفٌ - ثم انصرف رسول الله ﷺ(٤).
وقد أخرج مسلم عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "مَا مِن مُسلِمٍ تُصيبهُ مُصيبَةٌ، فيقولُ ما أَمَرَ اللهُ به: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ اللهمَّ أجُرْني في مُصيبَتِي واخلُفْ لي خَيرًا مِنها، إلا أَخلَفَ اللهُ عليه خَيرًا منها، وآجَرَه في مُصيبَتِهِ". قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أيُّ المسلمينَ خيرٌ من أبي سلمةَ، أَوَّلُ بيت هاجَرَ إلى رسول الله ﷺ، ثم إني قلْتُها، فأَخلَفَ الله لي رسولَ الله ﷺ(٥).
(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٦٨٧٥). (٢) "تاريخ الطبري" ٢/ ٥٦١، و"المنتظم" ٣/ ٢٠٦، و"البداية والنهاية" ٤/ ٩٠. (٣) في "المسند": قلت. (٤) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٦٦٦٩). (٥) صحيح مسلم (٩١٨).