وبلغ رسولَ الله ﷺ قولُها، فقال:"إن الله حرَّمَ لحمَ حَمزةَ على النار"(١).
قال ابن إسحاق: وهذه شديدةٌ على هند المسكينة (٢).
ولما فقد رسول الله ﷺ حمزةَ ﵁، قال للحارث بن الصمة الأنصاري:"ألا تعلمُ لي عِلْمَ عمي". فطاف فوجده بين القتلى، فكره أن يخبر رسول الله ﷺ، فقال رسول الله ﷺ لسهل بن حُنَيف:"ألا تعلم لي عِلْمَ عمي"، ثم قال لعمار بن ياسر كذلك، فأخبره بقتله فبكى (٣).
ولمّا رأى رسول الله ﷺ ما نزل بأصحابه من جَدْع الأنوف والآذان، وقطع المذاكير، قال:"لئن أَدالنَا الله عليهم لنُمَثِّلنَّ بهم مُثْلَةً لم يمثِّلْها أحد من العرب قط"(٤).
وقال أبو سفيان: أفي القوم محمد؟ ثلاث مرات، فنهاهم رسول الله ﷺ أن يجيبوه، ثم قال: أفي القومِ ابنُ أبي قُحافةَ؟ قالها ثلاثًا، ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب؟ قالها ثلاثًا، فرجع إلى أصحابه وقال: أما هؤلاء فقد قُتِلوا، فما ملك عمر بن الخطاب نفسه، فقال: كذبتَ يا عدو الله، إن الذين عددتَ لأحياءٌ كلهم، وقد بقي لك ما يسوؤك. فقال أبو سفيان: يومٌ بيوم بدر، والحرب سِجال، إنكم ستجدون في القوم مثْلَةً لم آمر بها ولم تسؤني، ثم أخذ يرتجز: اُعْلُ هُبَل، اُعل هُبَل. فقال رسول الله ﷺ:"ألا تُجيبُوهُ؟ " قالوا: وما نقول؟ قال:"قُولوا: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلّ". فقال: لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم. فقال رسول الله ﷺ:"أَلا تُجيبُوهُ؟ " قالوا: وما نقول؟ قال: "قولوا: الله
(١) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٧٠/ ١٧٥. (٢) هذا القول ليس لابن إسحاق وإنما هو لمحمد بن سيرين كما في "الطبقات الكبرى" ٣/ ١١، و"تاريخ دمشق" ٧٠/ ١٧٥. (٣) انظر "الطبقات الكبرى" ٣/ ٤٧٢. (٤) انظر "السيرة" ٣/ ٣٩.