وقال هشام: كان أمية قد آمن برسول الله ﷺ وهو بالشام، فقدم الحجاز ليأخذ ماله من الطائف ويهاجر، فلما نزل بدرًا قيل له: إلى أين يا أبا عثمان؟ فقال: إلى الطائف، آخذ مالي وأعود إلى المدينة أتبع محمدًا. فقيل: هل تدري ما في هذا القليب؟ قال: لا. قيل: فيه شيبة وعتبة ابنا خالك، وفيه فلان وفلان ابنا عمك، وعَدّوا له أقاربه. فجدَع أنف ناقته، وهَلَبَ ذَنَبَها، وشقَّ ثيابه وبكى، فقال: [من مجزوء الكامل]
ماذا ببدرِ والعَقَنْـ … ــــــقَلِ من مَرازبةِ جَحاجِحْ
الأبيات المتقدمة، ثم عاد إلى الطائف فمات به (١).
وقال ابن السِّكِّيت: بينا أمية يشرب الخمر مع رُفْقَةٍ له، إذ سمع نَعيقَ غُراب نعق ثلاثة أصوات وطار، فقال أمية: هل تدرون ما قال: قالوا: لا. قال: إنه يقول: تشرب الكأس الثالث وتموت. فشربه فمات (٢).
ومن شعره يمدح عبد الله بن جُدْعان التيمي (٣): [من الوافر]
أأذكُرُ حاجَتي أَم قد كفاني … حَياؤُكَ إنَّ شِيمَتَكَ الحياءُ
وعِلمُكَ بالحقوقِ وأَنتَ فرعٌ … لك الحَسَبُ المهذَّبُ والسَّناءُ
إذا أَثنَى عليك المرءُ يومًا … كَفاه من تَعَرُّضِه الثَّناءُ
خليلٌ لا يغيِّرهُ صَباحٌ … عن الخُلُقِ الكريمِ ولا مساءُ
تباري الرِّيحَ مَكرُمةً بَناها … بنو تَيمٍ وأنتَ لها سماءُ (٤)
وقال أمية (٥): [من الكامل]
لا يَنكُتون الأرضَ عند سُؤالهم … لتَطلُّب العلَّات بالعيدانِ
بل يُسفِرونَ وجوهَهم فَتَرى لها … عندَ السُّؤالِ تَهلُّلَ الألوانِ
(١) "تاريخ دمشق" ٩/ ٢٨٦، و"المنتظم" ٣/ ١٤٦.
(٢) "تاريخ دمشق" ٩/ ٢٨٥، و"المنتظم" ٣/ ١٤٩.
(٣) الأبيات في "ديوانه" ص ١٧.
(٤) هكذا في نسختنا وجاء البيت في الديوان ص ١٩:
فأرضك كل مكرمة بناها … بنو تَيم وأنت لها سماء
(٥) الأبيات في "ديوانه" ص ١٩٣ برواية أخرى.