لهب إلى مكة حزينًا، وهو يقول: استجيب لمحمد في ابني. وكان كُنيةُ عُتيبةَ: أبا واسع، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت (١): [من السريع]
سائل بني الأَشعرِ إن جئتَهم … ما كان أَنباءُ أَبي واسعِ
لا وسَّع الله له قبره … وضيَّق الله على القاطعِ
رمى رسولَ الله من بينهم … دون قريش رميةَ القاذع
فاستوجب الدعوة منه بما … بَيَّن للناظر والسامع
أن قيَّض الله له كلبه … يمشي الهوينا مشية الخادع
حتى أتاه ويسْط أصحابه … وقد عَلَتْهم سِنَةُ الهاجِعِ
فالتقم الرأسَ بيافوخه … يفعل فِعلَ القَرِمِ الجائعِ
ثم علا بعد بأنيابه … معفَّرًا وسْط دمٍ ناقعِ
قد كان هذا لكم عبرةً … للسيّد المتبوع والتابع
من يرجع الآن إلى أهله … فلستَ يا عتبةُ بالراجعِ
قال البلاذُري: وجعل عتيبة يقول وهو بآخر رمق: ألم أقل لكم إن محمدًا أصدق الناس، ومات (٢).
واختلف الناس في المدة التي كانت بين المعراج والهجرة على أقوال:
أحدها: سنة. والثاني: ستة أشهر. والثالث: ثمانية أشهر. والرابع: سنة ونصف.
وعلى ذلك يُبنى خلافهم في أي شهر كان، والله أعلم.
* * *
(١) أخرجه الحاكم ٢/ ٥٣٩ والبيهقي في "الدلائل" ٢/ ٣٣٨ من حديث أبي نوفل بن أبي عقرب عن أبيه، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الحافظ في "الفتح" ٤/ ٣٩: حديث حسن.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخه" ٣٨/ ٣٠٢ من حديث هبار بن الأسود.
وأخرجه الدولابي في "الذرية الطاهرة" ص ٥٨، وأبو نعيم في "الدلائل" ١/ ٢٢٠ من حديث محمد بن كعب القرظي وعثمان بن عروة بن الزبير. والأبيات في ديوانه ص ١٥٣.
(٢) "أنساب الأشراف" ١/ ١٤٩.