وقال ابنُ الأثير: كان مجلسُ نور الدين مثل مجلس رسول الله ﷺ لا يُسمع فيه لأحدٍ كلمة إلا مفيدة، فلما ملك صلاحُ الدِّين دمشق حضر الحافظ ابنُ عساكر مجلسه، فسمع لَغَطًا كثيرًا، وكلُّ واحدٍ يتحدَّث مع الآخر، وليس للمجلس هيبة، فبكى [الحافظ](١) وقال: يرحم الله نور الدين، لقد حضرت مجلسه مرارًا، فما سمعتُ أحدًا ينطق إلا جوابًا، فما هذا اللَّغط! وبلغ صلاح الدين فقال: إذا حضر الحافِظُ عندنا فلا يتكلَّمَنَّ أحدٌ بكلمة (٢).
ذِكْرُ ما جرى بعد وفاته:
كان ولده الملك الصَّالح لم يبلغِ الحُلُم، فأجلسوه مكانه، وحَضَرَ القاضي كمال الدين بن [الشَهْرُزُوري وشمس الدين بن المقدَّم، وجمال الدِّين](١) ريحان -وهو أكبر الخدم- والعَدْل أبو صالح بن العَجَمي أمين الأعمال، والشيخ إسماعيل خازن بيت المال، وتحالفوا أَن تكون أيديهم واحدة، وأنَّ شمسَ الدِّين [بن المقدَّم](١) إليه تقدمةُ العساكر، وتربيةُ الملك الصالح.
(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٢) الباهر: ١٧٢ - ١٧٣.