وقال تاج الدين الكندي: [من الطويل]
عُمارة في الإسلام أبدى خيانةً … وبايع فيها بِيعةً وصَليبا
وأمسى يعين الشِّرْكَ في بُغْضِ أحمدٍ … فأصبحَ في حُبِّ الصَّليب صليبا (١)
وكان خبيثَ الملتقى إنْ عَجَمْتَه … تَجِدْ منه عودًا في النِّفاق صليبا (٢)
سيلقى غدًا ماكان يسعى لمثله … ويُسْقى صديدًا في لظًى وصَلِيبا (٣)
قلت (٤): وقال القاضي شمس الدِّين بن خَلِّكان قاضي القضاة رحمه الله تعالى: كان بين عُمارة وبين الكامل بن شاور صحبة متأكدة، فلما وَزَرَ والده، استحال على عمارة، فكتَبَ إليه: [من الطويل]
إذا لم يُسالمك الزَّمانُ فحارِبِ … وباعد إذا لم تنتفعْ بالأقارب
ولا تحتقرْ كيدًا ضعيفًا فربَّما … تموتُ الأفاعي من سمام العقاربِ
فقد هدَّ قِدْمًا عَرْشَ بِلْقيسَ هُدْهُدٌ … وخرَّبَ فأرٌ قبلَ ذا سدَّ مأربِ
إذا كان رأسُ المال عمرَك فاحْتَرِزْ … عليه من الإنفاق في غير واجبِ
فبين اختلاف الليل والصبح مَعْرَك … يكرُّ علينا جيشُه بالعجائبِ
وما راعني غَدْرُ الشَّباب لأنَّني … أَنِسْتُ بهذا الخُلْق من كلِّ صاحبِ
وغَدْرُ الفتى في عهده ووفائه … وغَدْر المواضي في نبوِّ المضارب
إذا كان هذا الدُّرُّ معدِنُه فمي … فصونوه عن تقبيل راحة واهبِ
رأيتُ رجالًا أصبحت في مآدب … لديكم وحالي وحدها في نوادب
تأخرتُ لما قدَّمتْهُمْ علاكمُ … عليّ وتأبى الأُسْد سَبْقَ الثَّعالبِ
تُرى أين كانوا في مواطنيَ التي … غَدَوتُ لكم فيهن أكرم نائب
لياليَ أتلو ذكركم في مجالس … حديث الورى فيها بغمز الحواجب (٥)
(١) في هامش (ح): أي مصلوب.
(٢) في هامش (ح): أي شديد.
(٣) في هامش (ح): أي ودك.
(٤) القائل هو قطب الدين اليونيني، مختصر مرآة الزمان.
(٥) "وفيات الأعيان": ٣/ ٤٣٤.